أفاد عبد المجيد سداتي، مدير المهرجان الدولي لفن الڤيديو بالدار البيضاء، الذي اختير له عنوان “فن الفيديو تركيز فرنسا: هويات غير متجسدة”، في تصريح صحفي ، أن الدورة الحادية والثلاثين من المهرجان، التي تم تقديمها في ندوة صحفية يوم أمس الاثنين، تشكل محطة جديدة في مسار هذا الحدث الفني الذي يحتفي بالفنون الرقمية، وبفرنسا كضيف شرف.
وأوضح سداتي أن اختيار فرنسا لم يأت اعتباطا، بل “اعتراف بالدور المحوري الذي لعبته منذ تأسيس المهرجان، إذ كانت من أوائل الداعمين له عبر برامج ثقافية تابعة للمصلحة الثقافية الفرنسية، ولم تتوقف عن مواكبته ودعمه طيلة العقود الثلاثة الماضية.
وأضاف سداتي أن المهرجان، الذي يدخل عقده الرابع، يكرس التعاون الثقافي والفني بين المغرب وفرنسا، من خلال استضافة فنانين فرنسيين وعروض رقمية متنوعة تسلط الضوء على تفاعل الفن مع التكنولوجيا.
وشدد مدير المهرجان على أن شعار هذه الدورة يعكس واقع الهوية المعاصرة، قائلا: “الهوية اليوم لم تعد أحادية، بل أصبحت مركبة ومتعددة الأبعاد، قائلا: “فأنا مثلا أمازيغي، مغربي، إفريقي، عربي، مسلم… وهو ما يعكس تعدد الانتماءات في العالم الحديث”.
وأشار سداتي إلى أن تطور العالم الافتراضي أفرز أشكالا جديدة من الهوية، “إذ لم تعد الهوية مرتبطة بالجسد المادي فقط، بل صارت تمتد إلى الفضاء الرقمي، حيث يصبح للفرد كيان آخر مواز ومتكامل مع ذاته الواقعية”.
وتطرق سداتي إلى الأبعاد التاريخية لفن الڤيديو، موضحا أن هذا الفن “انبثق في ستينيات القرن الماضي مع فنانين مثل الكوري “نام جون بيك” والألماني “وولف فوستن”، وكان في بدايته فنا تجريبيا ذا بعد فني وسياسي، لأنه منح للفرد والفنان الحق في التعبير بالصورة بعيدا عن احتكار التلفزيون”.
وأكد سداتي أن فن الفيديو شكل القاعدة التي انبثقت منها أغلب الفنون المعاصرة اليوم، من السينما إلى الفنون الرقمية، معتبرا إياه “فنا قائما على التجريب والإبداع المستمر، يواكب التحولات التكنولوجية ويجعل من الصورة وسيلة للتفكير والتعبير”.
من جانبها، أكدت ليلى مزيان، عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك ورئيسة المهرجان، أن الدورة الحادية والثلاثين من المهرجان الدولي لفن الفيديو، التي تحمل شعار “تركيز فرنسا هويات غير متجسدة”، تشكل جزءا من مشروع “مدينة الإنسانيات” المتميز.
وأبرزت مزيان ان “في ظل عالم متحول، من الضروري أن تتعاون جميع التخصصات معا في إطار مدينة الإنسانيات، بما يشمل قطب الفنون الحية ومركز اللغات”، مشيرة إلى أن “المغرب اليوم بحاجة إلى الاستعداد للمستقبل عبر تكوين الطلبة في المجالات الفنية مثل المسرح والفيديو والفنون الرقمية، إلى جانب تعلم اللغات الأجنبية”.
وشددت المتحدثة نفسها على أهمية اللغة الإنجليزية، قائلة: “بينما يستعد المغرب لتنظيم كأس العالم، يجب أن يكون الشباب قادرين على التواصل بعدة لغات”، مؤكدة أن “التحضير يشمل تعليم اللغات الأجنبية كالإنجليزية والإسبانية والبرتغالية لتأهيل الطلبة لمواكبة هذا الحدث الدولي البارز”.
من جهتها، قالت أود مولينشوريفيل، المديرة المنتدبة للمعهد الفرنسي بالمغرب فرع الدار البيضاء، ، إن مشاركتهم في الدورة الحادية والثلاثين لمهرجان فن الفيديو تعد فرصة مهمة لتعزيز التعاون الثقافي بين فرنسا والمغرب.
وأوضحت مولينشوريفيل أن المهرجان يتميز بطابعه المتعدد التخصصات، إذ يجمع بين الفنون والتقنيات الرقمية، ويتيح لقاءات مثمرة بين المبدعين والباحثين والشباب، لا سيما الطلبة الجامعيين.
وأضافت مولينشوريفيل أن “التركيز هذا العام على فرنسا كضيف شرف يعزز فرص التعاون بين البلدين في مجال الفنون الرقمية، ويجعل من الدار البيضاء مركزا دوليا بارزا لهذه الفنون”، مشيرة إلى أن توقيت المهرجان في شهر نوفمبر يتزامن مع احتفالات المعاهد الفرنسية حول العالم بـ «نوفمبر الرقمي»، وهو برنامج يركز على الفنون والتقنيات الرقمية، ويتقاطع هذا العام مع تخصيص المعهد الفرنسي موسمه الثقافي للشباب.
وختمت مولينشوريفيل حديثها بالقول إنها تأمل في استقبال جمهور واسع ضمن فعاليات المعهد الفرنسي بالدار البيضاء، التي ستقام خلال الفترة من 10 إلى 15 نونبر 2025 ضمن فعاليات المهرجان.
بدوره، أعرب عبد الهادي صمادي، منسق المهرجان الدولي لفن الفيديو بالدار البيضاء، عن سعادته بتنظيم هذه الدورة الجديدة التي تقام تحت شعار “تركيز فرنسا هويات غير متجسدة”.
وأوضح صمادي أن المهرجان يشكل فرصة ثمينة لطلبة الجامعة من أجل لقاء الفنانين والمبدعين والتفاعل المباشر مع تجاربهم، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة تظل شريكا أساسيا في دعم هذا الحدث، إلى جانب مؤسسات وهيئات ثقافية أخرى.
وأضاف صمادي أن المهرجان، الذي انطلق سنة 1993، يعد من أبرز التظاهرات الفنية التي تنفتح على فئة الشباب، مؤكدا أن “أبواب المشاركة مفتوحة أمام جميع طلبة معاهد الدار البيضاء”.

