الذهب الأخضر في المغرب.. تصدير 90% من الأفوكا وسط انتقادات لاستنزاف الموارد المائية

بدأ موسم جني فاكهة الأفوكا، التي تعتبر بمثابة الذهب الأخضر في المغرب، ومن المتوقع أن يتجاوز الإنتاج 90,000 طن، مع إمكانية تصدير 80,000 طن. وقد لاقى هذا المنتج الكثير من الانتقادات، خصوصا أنه يستهلك كميات كبيرة من الثروة المائية في البلاد، بينما تصدر نحو 90% من الإنتاج إلى الخارج، وذلك في وقت تعاني فيه المملكة من سنوات جفاف متتالية.

و في هذا السياق، أكد بدر عريش، الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، في تصريح لجريدة “سفيركم” الإلكترونية أن السياسات الفلاحية للدولة المغربية، وخاصة مخطط المغرب الأخضر الذي خصص مليارات الدراهم “بسخاء”، تستهدف دعم الفلاحين الكبار والفلاحات التصديرية. وأشار إلى أن “هذه السياسات جعلت بلادنا تتبنى زراعة مرتبطة بشكل واضح بالأسواق الخارجية وبالاتفاقات التي تبرمها الدولة المغربية مع شركائها، وعلى رأسها المحاصيل التي تستهلك المياه، مثل الطماطم والبطيخ الأحمر والأفوكا”.

كما أوضح عريش أنه تم إنتاج حوالي 70,000 طن، وتم تصدير أكثر من 60,000 طن من الأفوكا في موسم 2023-2024 إلى الخارج. مضيفا “السبب يعود إلى أن العديد من الدول تفرض قيودا صارمة على الزراعات التي تستنزف الموارد المائية. وبالتالي، لتلبية احتياجاتها الداخلية، تلجأ إلى دول مثل المغرب التي لا تفرض مثل هذه القيود، مما يجعل بلدنا مصدرا رئيسيا لتلبية الطلب الخارجي، رغم ما يترتب على ذلك من استنزاف للفرشات المائية المحلية”.

وأضاف عريش أن “هناك تقارير تؤكد أن إنتاج كيلوغرام واحد من الأفوكا يستهلك أكثر من ألف لتر من الماء..سكان العديد من القرى يهجرون قراهم بسبب استحالة الاستمرار في الزراعة نتيجة لتوالي سنوات الجفاف”.

وفي نفس السياق، أوضح الخبير الفلاحي أن السياسة الفلاحية المغربية لا تسير في اتجاه تحقيق السيادة الغذائية، حيث تُركز على إنتاج محاصيل ومنتجات موجهة لتلبية الطلب الخارجي، قائلاً: “السياسة الفلاحية تعاني من خلل واضح، فهي لا تلبي الطلب الداخلي ولا تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات التي يستهلكها المغاربة…المواطنون يحتاجون إلى المواد التي تشكل العناصر الأساسية في سلة غذائهم، مثل الخضروات، الفواكه، والحبوب، وغيرها من المنتجات الأساسية”.

وواصل الخبير ذاته: “في اعتقادي، زراعة الأفوكا في المغرب، رغم أهميتها، ليست عنصرا أساسيا في سلة الغذاء المغربية. يمكن إنتاجها بكميات محدودة واستبدالها بمحاصيل وفواكه لا تستهلك كميات كبيرة من المياه، ويمكن الاعتماد على زراعات مقاومة للجفاف. على الدولة أن تفرض قيودا صارمة، كما تفعل العديد من الدول، على الزراعات التي توصف بالـ’متوحشة’، والتي تستنزف الموارد المائية للمغاربة… اليوم، يواجه المغاربة خطر العطش بسبب هذه المحاصيل التي تستنزف الفرشات المائية، مثل الأفوكا والبطيخ الأحمر، والتي لا تعد مكونات أساسية في النظام الغذائي المغربي”.

و أعرب عريش عن استيائه قائلا:”للأسف، عانى المغاربة من استبدال زراعات حيوية مثل القمح بمحاصيل موجهة لتلبية الطلب الخارجي، وهي سياسات أثبتت فشلها”.

وفي نفس الإطار قال عريش:”أن تكون السياسة الفلاحية للمغرب مرتهنة بالكامل لتلبية الطلب العالمي المتزايد، فهذا أمر غير مقبول. فالطلب العالمي دائم الارتفاع، والدول الأخرى تفرض قيودا صارمة على زراعة المحاصيل المستنزفة للمياه، بينما نحن نسهل تلبية طلبها. السؤال المطروح هو: لماذا لا تقوم تلك الدول بزراعة الأفوكا في أراضيها؟ ولماذا يجب علينا نحن المغاربة دفع ثمن القيود التي تفرضها تلك الدول؟”.

وخلص الخبير الفلاحي الى أنه “حان الوقت لوقف تصدير مياهنا للخارج عبر المنتجات الزراعية. المغرب يواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالإجهاد المائي، ونشهد إنشاء محطات لتحلية المياه بمليارات الدولارات، فضلا عن ممرات تربط بين الأحواض المائية، وهو ما يثقل كاهل ميزانية الدولة…علينا أن نعيد النظر في سياستنا الفلاحية بما يضمن السيادة الغذائية للشعب المغربي”.

تعليقات( 0 )