دعا الخبير السياحي؛ الزبير بوحوث، إلى التريث في التعامل مع أخبار اكتشافات ورزازات، محذرا من تكرار سيناريو “كذبة تالسينت” التي خلفت أزمات سياسية واقتصادية، مشددا على ضرورة تحري الدقة من الجهات الرسمية قبل الانسياق وراء معطيات إعلامية قد تُستغل لرفع أسهم الشركة دون تحقق فعلي من مصداقية الاكتشاف.
وأوضح بوحوث في تصريح قدمه لموقع “سفيركم”، أن قيمة الاكتشافات التي أعلنت عنها شركة “Catalyst Mines Inc” بوارزازات، والبالغة 60 مليار دولار، تبقى “ضخمة جدا”، وأن أي مغربي سيكون مسرورا باكتشاف ثروة معدنية من هذا الحجم في بلده.
وأبرز أن تسريب خبر هذا الاكتشاف يأتي في وقت تشهد فيه المملكة المغربية زخما إيجابيا على مستوى المشاريع، لا سيما الملاعب التي يجري بناؤها والتقدم الكبير في البنية التحتية سواء من خلال البرامج الضخمة للمطارات المغربية والخطوط الجوية الملكية، التي أعلنت عن ملايين الدولارات لشراء أسطول جوي، إلى جانب تدشين الملك محمد السادس مؤخرا للخط فائق السرعة بين مراكش والقنيطرة.
وأردف قائلا: “هذه الظرفية تجعل قيمة الاكتشافات التي زعمت شركة “Catalyst Mines Inc” أنها تبلغ 60 مليار دولار، سهلة الاستيعاب والقبول دون تحليل، وغالبا المغاربة يتداولون الخبر من باب الفرح”.
وخلال وقوفه عند حجم هذا الاكتشاف الجديد الذي تداولته مواقع مغربية وأجنبية، أكد أن تكلفته تساوي ست مرات مشروع القطار فائق السرعة، الذي دشنه الملك الأسبوع الماضي، بما في ذلك أشغال البناء والمحطات وغيرها، والبالغ 10 مليار دولار، قائلا: “يعني نحن هنا نتكلم عن ثروة تساوي ست مرات تكلفة هذا المشروع”.
وعلى مستوى اليد العاملة، عقد بوحوث مقارنة بين المشروعين، إذ أن “المشروع المغربي وفق تصريحات المدير العام للمكتب الوطني للقطارات، تشير إلى أنه سيخلق مئة مليون يوم عمل، ما يعادل آلاف منصب شغل قار لمدة 5 سنوات، ولنا أن نتصور اليد العاملة التي من المحتمل أن تشتغل في هذا المشروع المعدني”.
ووجه الزبير بوحوث دعوته للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بتأكيد أو نفي المعطيات التي أعلنتها الشركة، قائلا: “نتمنى أن تفرحنا وتؤكد هذا الأمر”، مفسرا صمت هذه الأجهزة بكونها “لا تريد منح مصداقية لهذا الخبر”.
وطالب الزبير بوحوث بالتريث في تداول خبر اكتشاف هذه الثروات المعدنية الهائلة، حيث ذكر أنه أجرى بحثا بسيطا حول الشركة، قائلا: “لم أجد تواجدا كبيرا لها بالمغرب، وربما مشروع واحد في الكونغو، يواجه بعض المشاكل”.
وفي سياق الحديث عن هذه المشاكل، جاء في تقرير الشركة، الذي اطلع عليه موقع “سفيركم” الإلكتروني، أن التحديات التي تواجه قطاع التعدين في الكونغو، تتعلق أساسا بتشغيل الأطفال، حيث أورد أن تقديرات اليونيسف (UNICEF) في سنة 2012، كشفت أن حوالي 40,000 طفل يجبر على العمل في هذه الصناعة، مضيفا أن الكونغو تنتج تقريبا 70% من الإنتاج العالمي للتعدين، حيث أن حوالي 20% من هذا الإنتاج تأتي عبر التعدين الحرفي، أي غير المنظم باستخدام وسائل بدائية.
وأردف التقرير أيضا أن العمال هناك يعانون من ظروف عمل خطرة وغير آمنة، حيث أن حوالي 100,000 عامل تعدين يستخدمون أدوات يدوية فقط، ويضطرون إلى الحفر لمئات الأقدام تحت الأرض، ناهيك عن تدني الأجور وانعدام الأمان الوظيفي، وفق تقارير منظمة المراقبة RAID.
واستنكر بوحوث في حديثه للموقع، كيفية ورود خريطة المغرب في تقرير الشركة، قائلا: “لا أنسى أن أسجل ملاحظة خريطة المغرب غير الكاملة، فما دام أنهم يشتغلون في المغرب كان عليهم أن يضعوها كاملة”.

وقال: “وكأنه تم اختيار توقيت الإعلان عن هذا الخبر، في ظل هذا الزخم الذي نعيشه كمغاربة ونحن سعداء بمجموعة من المشاريع، وكأنه سيمر وسيردده المغاربة خاصة وأن هناك وسائل إعلام نشرته، ما يمكن أن يضفي نوعا من المصداقية الذي سيجعل الشركة ترفع رؤوس أموالها، وتقنع مستثمرين بالحصول على تمويلات أو لرفع أسهمها في البورصة”.
واسترجع الزبير بوحوث قضية “لون سطار” أو “كذبة تالسينت” حيث أعلنت آنذاك شركة “سكيدمور اينرجي” عن نفط تالسينت، مردفا أن “المناضل المغربي ابراهام السرفاتي الذي كان قد قال “إنها ربما عملية احتيال، ليتبين فيما بعد أن الأمر كذلك، إذ كان وزير الطاقة والمعادن آنذاك الطاهيري، قد أكد الخبر بل خرج الخبر رسميا في خطاب للملك، وهذا الأمر أعطى قوة كبيرة لتلك الشركة، التي يعود أصل مؤسسها إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.
واستطرد المتحدث ذاته أن “كذبة تالسينت” كانت قد تسببت في إعفاءات كبيرة، وأدت للتخلي عن المدير العام لمكتب الهيدروكاربورات، الذي عينت بدله أمينة بنخضرة، كما كان قد تم إعفاء وزير الطاقة والمعادن في عهد حكومة اليوسفي.
وخلص بالتأكيد على أهمية التريث في التعامل مع هكذا أخبار إلى حين تأكيد صحتها رسميا، لا سيما وأن هذا الأمر من شأنه أن يفتح آفاقا كبيرة أمام المغرب، ويستقطب استثمارات، خصوصا وأن هذا الاكتشاف يوجد في منطقة ورزازات التي تعيش، بحسبه، مشاكل كبيرة على المستوى الاقتصادي، مبديا تخوفه من أن يكون الأمر مجرد “فرقعة إعلامية يمكن أن تحول الأمل إلى ألم”.