في ظهوره الإعلامي الأخير، خفف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، من حدة الانتقادات التي كان يوجهها لفرنسا، بعد الأزمة الكبيرة التي نشبت بين الجزائر وباريس، خاصة بعد اعتراف الأخيرة بمغربية الصحراء، ولجوء الجزائر إلى سحب سفيرها احتجاجا على ذلك.
وتصاعدت حدة الأزمة في الأسابيع الماضية، خاصة بعد إقرار فرنسا، جملة من الإجراءات ضد الجزائر، وتهديد وزير الداخلية الفرنسي بأن هناك إجراءات أخرى تدريجية سيتم اتخاذها، مما يطرح السؤال ما إذا كان قصر المرادية تلقى الرسالة جيدا، مما دفعه إلى خفض حدة التصعيد ضد باريس.
المحلل السياسي والأستاذ الجامعي خالد الشيات، يرى “أن الجزائر بدأت تعي تبعات عنجهيتها وادعائها القوة والعظمة، في مواجهة القوى الكبرى بما فيها فرنسا”، مشددا “على أن كلام تبون أكثر من مهادن ومطاوع وتغيب عنه تلك العنجهية التي ظهرت في بداية الأزمة”.
وأضاف الشيات في تصريح خص به موقع “سفيركم”،أن “الرئيس تبون يسعى لإلصاق الأزمة لجهات تفتعلها ضدا في الجزائر، وهو يشير ضمنا إلى المغرب وحلفاء المغرب، وهو نوع من رفع الحرج على فرنسا، لتقوم بما يلزم بخصوص تجاه بلاده”.
ولفت أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول بوجدة، إلى أن “الرئيس تبون حاول شخصنة الأزمة، واعتبر أن حلها يكمن في يد الرئيس إيمانويل ماكرون فقط، في تراجع كبير عن مواقفه السابقة والتصعيدية، وخلافا لما كانت تريد الجزائر تسويقه، كونها دولة عظمى ولا تركع ولا تخضع للإملاءات الخارجية”.
وكشف المحلل السياسي على أن “هناك تحولات جيوسياسية على مستوى أوروبا عامة وفرنسا خاصة، سيما مع قرب انتهاء الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث كانت الجزائر تتمتع بورقة الغاز البديل للغاز الروسي نحو فرنسا وأوروبا، واليوم تتضائل قوة هذه الورقة”.
وخلص الشيات إلى “أن فرنسا تعي جيدا تراجع قوة هذه الورقة، كما أن سيادة خطاب اليمين والخطاب الهوياتي في فرنسا حاليا، يضيق على التواجد والنفوذ الجزائريين، بما في ذلك على الجزائريين المقيمين بطرق غير قانونية في فرنسا، وهذه إحدى نقاط المشكل بين البلدين، خاصة وأن السباق المحموم على مقاعد البرلمان، والحكومة ورئاسة الجمهورية ، يمر عبر سياسة الهجرة والمهاجرين”.