تواصل الجزائر تكرار تناقضاتها في قضية الصحراء المغربية، في العديد من المحطات والمواقف، مما يعكس أن ما تدعيه من دفاع حق “الشعوب في تقرير مصيرها”، لا يخفي في الحقيقة سوى آمالها بتحقيق مكاسب من هذه القضية، وأبرزها الرغبة في الحصول على منفذ على المحيط الأطلسي عبر صنيعتها جبهة البوليساريو.
ومن التناقضات الجديدة التي ظهرت في الخطاب الرسمي الجزائري، هو الحوار الذي أدلى به السفير الجزائري صبري بوقادوم لمجلة “Business Focus” مؤخرا، حيث تحدث عن العلاقات الجزائرية الأمريكية وقضايا دولية أخرى، مثل النزاعات في الكونغو الديمقراطية والسودان، وحرب غزة.
التناقض الذي عكسه حوار بوقادوم، يتجلى في التزامه الصمت عن الحديث في قضية الصحراء المغربية مع مجلة أمريكية، وهو أمر غير معهود لدى الجزائر، التي غالبا ما تربط بين القضية الفلسطينية وقضية الصحراء وباقي قضايا النزاع في إفريقيا، في محاولة لإقناع المنتظم الدولي بأنها تبحث عن حلول لهذه القضايا لا أقل ولا أكثر.
صمت السفير الجزائري عن الحديث عن قضية الصحراء، لا يُفسر إلا بشيء واحد، هو خشيته من أن يُستدرج من طرف المجلة الأمريكية لطرح أسئلة أكثر في هذا الملف، مما سيجعل الجزائر مضطرة للإعراب عن موقفها الذي يتعارض مع الموقف الأمريكي الداعم لسيادة المغرب على الصحراء.
والجزائر في هذه المرحلة، وفقا للعديد من التحليلات السياسية، تخشى الدخول في أي صدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب، ولا سيما أن الأخير تخذ منذ عودته إلى البيت الأيض قرارات قوية تصل إلى حد “الصدمة” أحيانا، وهو ما يخيف دولا مثل الجزائر.
ويتجلى التناقض الجزائري أيضا، أن هذا الصمت الذي تُقابل به الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، يتعارض مع ضجيجها القائم حاليا مع فرنسا، حيث قطعت علاقاتها مع باريس وتعيش معها على وقع توتر حاد، بسبب إعلان فرنسا دعمها لسيادة المغرب على الصحراء.
وقد يقول العديد من الداعمين للسياسة الخارجية الجزائرية، أن الجزائر تتخذ مواقفها من قضية الصحراء بناء على ما تراه مناسبا لها، والسياسة الدولية تتطلب المعرفة بـ”اللعب على الحبل”، إلا أن هذا القول يجب أن ينعكس أولا على تصريحات المسؤولين الجزائريين حتى يتم تصديقه، لأن المسؤولين الجزائريين دائما ما يدعون أن مواقفهم من القضية واضحة ولا تتغير لأن الجزائر “لديها النيف” حسب تعبير الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون نفسه، إلا أن هذا “النيف” لا يظهر أمام الولايات المتحدة الأمريكية.