في خضم النقاشات المتصاعدة حول تعديل مدونة الأسرة بالمغرب، أبدت جماعة العدل والإحسان الإسلامية ملاحظاتها ورؤيتها إزاء هذا الملف المجتمعي الحساس.
واعتبرت الجماعة، في مذكرة بهذا الخصوص نشرتها على موقعها الإلكتروني، أن الدولة حملت معالجة قضايا الأسرة وعبء المشكلات الأسرية للزوج والزوجة وحدهما.
وأشارت الجماعة إلى أن استقرار الأسرة لا يمكن أن يتحقق إلا بتحمل الدولة مسؤوليتها في توفير الظروف الملائمة للعيش الكريم، بدلا من إلقاء كامل العبء على الزوج والزوجة.
وترى الجماعة أن على الدولة الالتزام بما نص عليه الفصل 32 من الدستور المغربي، والذي يضمن حماية الأسرة حقوقيا واجتماعيا واقتصاديا.
وأوضحت أن دور الدولة يجب أن يتجاوز سن القوانين إلى تعزيز القيم الأخلاقية التي تؤهل الأسر لبناء علاقات يسودها التراحم والتواد، مع نبذ العنف والتفكك.
ولفتت الانتباه إلى أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تلعب دورا كبيراً في تفاقم المشكلات داخل الأسرة، ما يستوجب تدخل الدولة بشكل مباشر.
من جانب آخر، انتقدت الجماعة أداء المجلس العلمي الأعلى في معالجة القضايا الشرعية المرتبطة بمراجعة المدونة.
ووصفت الاكتفاء بإجابات مختصرة مثل “يستجيب” أو “لا يستجيب” بأنه “قصور واضح في توضيح الأسس الشرعية لهذه المواقف”.
كما أشارت إلى غياب تواصل فعال من أعضاء المجلس مع المجتمع لتوضيح مرجعيات القرارات الشرعية، معتبرة أن هذه المؤسسة أصبحت أداة إدارية تخضع لتوجهات الدولة بدلا من أن تكون منبراً اجتهاديا مستقلا يعكس روح الشرع الإسلامي.
وفيما يتعلق بمقترحات التعديل، وحول مقترح توثيق الخطبة، أكدت الجماعة غياب أي ضرورة شرعية أو اجتماعية لذلك، معتبرة أن هذا الإجراء قد يزيد من تعقيد مسألة الزواج، وهو ما قد يؤدي إلى إحجام الشباب عن الإقدام عليه.
أما بخصوص الإشكالية المتعلقة بشهادة غير المسلمين على عقود الزواج في الخارج، فقد شددت الجماعة على أن الزواج عقد ديني يتطلب استيفاء شروطه الشرعية، بما في ذلك حضور شاهدين مسلمين.
وطرحت حلولا بديلة مثل تكليف السفارات والقنصليات بتوفير عدول مختصين أو إتاحة إمكانية توثيق الزواج عن بعد.
ومن بين القضايا التي طرحتها الجماعة مسألة النفقة على الزوجة بمجرد العقد، حيث دعت إلى اعتماد مقاربة وسطى تجمع بين الاستحباب قبل الدخول والوجوب بعده، مراعاة للأعراف والمذهب المالكي.
من جهة أخرى، عبرت عن تخوفها من تحويل “تثمين عمل المرأة المنزلي” إلى عبء قانوني يُفسد أجواء المودة داخل الأسرة، مشددة على ضرورة دعم الدولة للمرأة ربة البيت عبر أنظمة حماية اجتماعية مبتكرة، عوضا عن إثقال كاهل الأسرة بقوانين جديدة.
وفيما يتعلق بحق الزوجة في اشتراط عدم التعدد أثناء العقد، رأت الجماعة أن الأمر مشروع شرعا، لكنها رفضت إجبار العدول على تذكير المرأة بهذا الشرط دون غيره.
أما في قضية الحضانة، فدعت الجماعة إلى مراعاة مصلحة الطفل بالدرجة الأولى، وأكدت أن زواج الأم الحاضنة لا ينبغي أن يؤدي إلى إسقاط حقها في الحضانة بشكل تلقائي، بل يجب أن يكون ذلك قرارا قضائيا يستند إلى المصلحة الفضلى للمحضون.