كشفت الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم قبل أيام عن الشعار الرسمي لمنافسات كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025، والذي جرت أمس أطوار سحب قرعة نهائياته بالرباط، وهو شعار يحمل رموزا مستوحاة من التراث المعماري المغربي العريق، ومن بينها أشكال ترمز للزليج.
وسبق للفيفا أن اعتمدت الزليج المغربي في شعار كأس العالم للأندية التي نظمها المغرب سنة 2013، غير أن شعار منافسات “الكان” لهذه السنة وتضمنه لرمز الزليج، جاء بعد تسجيل هذا الفن المعماري العريق في منظمة اليونسكو كفن مغربي قديم وعريق، وكذا بعد جدل واسع بين المغرب والجزائر التي حاولت نسبته إليها دون جدوى.
وعملت وزارة الثقافة والعاملين على الشأن الثقافي والتراث الحضاري المغربي، على تثمين هذا الموروث، حيث يندرج تضمين منقوشات الزليج المغربي في شعار كان المغرب 2025، ضمن مساعي الدولة في إبراز وتثمين هذا الموروث، والدعاية له عالميا، خاصة في التظاهرات الرياضية العالمية التي تستضيفها أو تشارك فيها المملكة، ما يوفر فرص إشعاع حضاري وسياحي واقتصادي كبيرة.
وفي هذا السياق اعتبر خالد العيوض الباحث في الآثار والتراث، أن استعمال أشكال الرموز التراثية وخاصة الزليج المغربي، أتى في وقته المناسب، لا سيما في ظل محاولات الجارة الجزائر الاستيلاء على رموز الثقافة المغربية التي تسعى لسرقتها وتنسبها إليها، حيث تفتقدها فقدا تاما بحكم طول الفترة الاستعمارية الفرنسية، وكذا لطول التواجد العثماني فيها ، الأمر الذي محى ذلك الإرث المحلي و الأمازيغي القوي الذي كان فيها، وبقي المغرب هو الخزان الذي حافظ على هذا الارث الحضاري الذي يمتد بجدره الأمازيغي ليصل لأزيد من سبعة آلاف سنة.
وأضاف العيوض، في تصريح أدلى به لـ”سفيركم” أن استعمال رموز الثقافة المغربية في الهوية البصرية لكأس إفريقيا 2025، مبادرة جيدة، حيث أن الهويات البصرية اليوم مسألة أساسية جدا، لافتا إلى أن المغرب يعرف عالميا بهوية علمه الأحمر الذي تتوسطه النجمة الخضراء، لكن لا تعرف أشياء أخرى عنه، على خلاف باريس أو فرنسا مثلا حينما نذكرها نتذكر مباشر “برج إيفيل” أو الصين نستحضر “صور الصين العظيم” وغير ذلك.
وشدد خالد العيوض على أن هذه الرموز تشير إلى عظمة وعبقرية البناء والمعمار المغربي سواء في المغرب أو حتى في الأندلس، كما أن محترفي هذه الصنعة، أو المعلمين كلهم مغاربة، إذ أن القيمين على قصور الاندلس كقصر الحمراء مثلا يلجأوون إلى “معلمية” فاس في كل عمليات ترميم لها، بل والأكثر من ذلك هؤلاء “المعلمية” وحدهم من نجح في فك رموز بعض زخارف الزليج في هذه القصور، منوها إلى أن الرمزية بدأت اليوم مع الزليج المغربي، ويجب أن تتواصل حتى يتم تصنيف مختلف أوجه وتجليات وأشكال ثراتنا اللامادي.
وكشف الباحث في التراث المغربي أن المغرب سجل حوالي 16 نوعا من التراث اللامادي، بينما لازال هناك الكثير من الأشكال والتعبيرات والرموز التي يجب تسجيلها كتراث لامادي مغربي قد تصل إلى أكثر من 100 نوع، ما سيمكن من التسويق السياحي والاقتصادي للمغرب، في إطار الترويج لبلد غني بالموروث الحضاري والثقافي، وتثمينه بما سيعزز حضوره وتطويره والمحافظة عليه.
وخلص المتحدث إلى أن المغرب مقبل على تظاهرتين رياضيتين كبيرتين كأس إفريقيا 2025، وكأس العالم سنة 2030، مما يجعله أمام تحدي تسويق وإبراز غناه الحضاري وإرثه الثقافي ورأسماله اللامادي، معتبرا أن كل المدن التي ستحتضن هذه التظاهرات هي عبارة عن أوراش مفتوحة، ليس فقط في ملعب الكرة بل في محيطه .