حذرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، من أن السياسات المناهضة للهجرة التي ينهجها اليمين المتطرف في أوروبا، ستوقع القارة في الشيخوخة، لا سيما مع توقعات انخفاض معدلات الولادات في القرن المقبل.
وأوضحت الصحيفة في تقرير نشرته، أن الخطابات المعادية للهجرة في القارة، وظفر الأحزاب اليمينية المتطرفة بمكاسب سياسية في انتخابات 2024، يجعل القارة تواجه في المستقبل القريب أزمة الشيخوخة.
وذكر المصدر ذاته أن الخبراء يجمعون على أن الهجرة ضرورة ملحة للحفاظ على التوازن الديمغرافي في أوروبا، حيث صرح جون سبرينغفورد، وهو باحث في مركز الإصلاح الأوروبي، قائلا: “معظم السياسيين في الوسط اليساري واليميني، يدركون أن أوروبا بحاجة إلى المهاجرين للتخفيف من النقص الديموغرافي”.
وواصل قائلا: “لذلك، يحاولون فرض قواعد أكثر صرامة للجوء، وغالبا ما تكون غير إنسانية، في محاولة لتمرير سياسات هجرة أكثر انفتاحا على الهجرة النظامية”، وأكد أن “الدول التي تصمد أمام الضغوط المطالبة بخفض أعداد المهاجرين، ستكون في وضع اقتصادي قوي على المدى الطويل”.
ولفتت “الغارديان” إلى أن توقعات الـ”يوروستات”، المكتب الأوروبي للإحصاء، تشير إلى انخفاض سكان دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 6% بحلول سنة 2100، ليتراجع من 447 مليون نسمة المسجلة حاليا، إلى 419 مليونا.
وأضافت أن نسبة الانخفاض ستكون “كارثية” في حال استثناء المهاجرين بالكامل، إذ سيتراجع سكان القارة بأزيد من الثلث ليصل إلى 295 مليون نسمة فقط في نهاية القرن الحالي.
وأردفت “الغارديان” أن الدول الأكثر تأثرا في المستقبل من تشديد سياسات الهجرة ستكون هي إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، لكون اليمين المتطرف يحتل فيها مراكز صنع القرار.
وبالنسبة لإيطاليا، توقعت اليوروستات أن ينخفض عدد سكانها إلى النصف في نهاية القرن الحالي، في حال لم تفتح بابها أمام مهاجرين جدد، خاصة وأنها من أكثر الدول الأوروبية التي تعاني من تدني معدلات الخصوبة، إلى جانب سياسات الهجرة الصارمة التي تتبناها الحكومة بقيادة رئيسة الوزراء؛ جورجيا ميلوني.
أما في ألمانيا، حيث يحظى حزب البديل “AfD” بشعبية متزايدة، قد يؤدي إغلاق حدودها بالكامل إلى تقلص عدد السكان من 83 مليون إلى 53 مليون فقط خلال العقود الثمانية المقبلة.
وفيما يتعلق بفرنسا، التي شهدت صعود حزب “التجمّع الوطني” اليميني في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بفضل حملته المناهضة للهجرة، فإن عدم استقبال مهاجرين جدد سيؤدي إلى تراجع عدد سكانها من 68 مليون إلى 59 مليون بحلول سنة 2100.
وتُظهر البيانات أن سير أوروبا على هذا المنوال سيؤدي لا محالة إلى سقوطها في الشيخوخة، لا سيما وأن الفئة العمرية التي تتجاوز 65 سنة، تمثل حوالي 21% من سكان الاتحاد الأوروبي، مرجحة أن ترتفع هذه النسبة إلى 32% في سنة 2100، مبرزة أن استحضار سيناريو “صفر هجرة”، يرفع هذه النسبة إلى 36%.