في ذكرى المسيرة الخضراء، قال الملك الراحل الحسن الثاني: “شعبي العزيز، غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطؤون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز”،
بهذه الكلمات الصادرة من قلب رجل حكيم وقائد عظيم، وجه الملك الراحل نداء بلغ صداه كل بقاع المملكة المغربية، استجاب له أزيد من 350 ألف مغربي ومغربية، جاؤوا من كل صوب وحدب، مسلحين برموز السلام، والقرآن الكريم والعلم المغربي وصور الملك، ومحملين بيقين قوي وحب جامح للوطن.
بلا سلاح ولا قنابل ولا بنادق، تجمع المغاربة في مدينة طرفاية جنوب المغرب، في الأراضي التي كانت واقعة تحت براثن الاحتلال الإسباني، لتعزيز الملكية الكاملة للمناطق الجنوبية، في حدث أثبت للعالم أن للمغرب أبناء بررة، يقدمون الغالي والنفيس في سبيل الوطن، ويلتحمون مع ملكهم عندما تمس وحدته الترابية.
وفي يوم 6 نونبر من سنة 1975، انطلق المغاربة من كل الفئات والشرائح، ومن جميع ربوع المملكة، في مسيرة سلمية بحشود غفيرة، سادها النظام والسلام، رافعين شعارات تأبى الرضوخ لإرادة المستعمر، فلم تجد السلطات الإسبانية حلا آخر، سوى الانسحاب من الأقاليم الجنوبية المغربية.
وفي الساعات الأولى من فجر هذا اليوم، وجه الملك الراحل الحسن الثاني، من غرفة العمليات الخاصة بالدرك الملكي بأكادير، أمرا ساميا إلى وزيره الأول، فانطلقت القافلة التي تضم نحو 350,000 مغربي من مدينة طرفاية، في مسيرة داخل الصحراء، دامت لأيام.
ولم تكن هذه المسيرة، مجرد محاولة لتحرير الأراضي، بل جسدت عبقرية ملكية، ترجمت التلاحم القوي بين العرش والشعب، والقيم والثوابت المقدسة لدى المغاربة.
وتكللت المسيرة الخضراء بانتصار المغاربة، الذين رفعوا راية بلادهم عاليا، في سماء مدينة العيون، في تاريخ 28 فبراير 1976، ليسجل هذا الحدث كأعجوبة زمنية، أعادت للمغرب أجزاءه التي انتزعتها الأطماع الأجنبية.
وهاهي الذكرى الثامنة والأربعون للمسيرة الخضراء، تحل اليوم الاثنين، وتحل معها ذكريات من قلب الذاكرة المغربية، تحمل في طياتها آلاف القيم والحكم، التي تؤكد فعلا أن الحق ينتزع، ليس بالعنف والقنابل والأسلحة، بل بالإرادة والإيمان والتلاحم والسلم.
تعليقات( 0 )