تعد كاتدرائية “نوتردام” بباريس واحدة من أهم المعالم الدينية والتاريخية في أوروبا، والمكان الذي كان يستقطب أكبر عدد من السياح إلى فرنسا قبل حادثة الحريق الشهيرة التي وقعت في 2019.
وبعد خضوعها لأعمال الترميم والتأهيل خلال السنوات الأخيرة، تستعد هذه الكتدرائية لإعادة فتح أبوابها من جديد يوم غد السبت، في حدث دولي كبير سيعرف مشاركة العديد من زعماء العالم، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، وعدد كبير من القادة.
وتتميز هذه الكتدرائية التي يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من 850 عاما، بفن العمارة القوطي، وهو ما جعلها معمارا فريدا يستقطب أزيد من 13 مليون سائح سنويا وفق الإحصائيات التي سبقت حادثة الاحتراق الشهيرة.
تاريخ الكاتدرائية:
بدأت أعمال بناء كتدرائية نوتردام في عام 1163 ولم تكتمل إلا في عام 1345، ما يعني أن أشغال بناء هذه الكتدرائية استغرقت حوالي قرنين من الزمن، هو ما يُفسر سبب التنوع الكبير في هندستها المعمارية، حيث تحتوي على جميع أنماط العمارة القوطية التي سادت خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر.
وجاء بناء الكاتدرائية بمبادرة من الأسقف موريس دو سولي، وهي تعد مقر أبرشية باريس، وقد شهدت الكاتدرائية العديد من الأحداث التاريخية المهمة، بما في ذلك تتويج نابليون بونابرت إمبراطورا عام 1804.
كما تم فيها عقد قران العديد من ملوك فرنسا، مثل فرانسوا الثاني عام 1558 وهنري الرابع عام 1572، وفي الآونة الأخيرة، أقيمت فيها جنازة الأب بيير في عام 2007.
أعمال فنية ساهمت في شهرتها:
ساهمت عدة أعمال فنية في شهرة هذه الكتدرائية، خاصة رواية الكاتب الكبير، فيكتور هوغو بعنوان “نوتردام باريس” عام 1831، والتي تحولت بعدها إلى مسرحية موسيقية.
كما استعملتها “ديزني” كديكور رئيسي للرسوم المتحركة، “أحدب نوتردام” في العام 1996.
حادث الحريق:
في 15 أبريل 2019، اندلع حريق مهول في كاتدرائية نوتردام في باريس، وأثار الحادث قلق الفرنسيين، وزار إيمانويل ماكرون حينها الكاتدرائية وقال في خطاب قصير أمامها: “سنعيد بناء هذه الكاتدرائية معا”، معلنا عن إطلاق حملة وطنية لجمع التبرعات للمساهمة في إعادة إعمار المعلمة التاريخية.
المغرب يساهم ماليا في بناء “نوتردام باريس”:
كان المغرب من بين بلدان من خارج فرنسا التي ساهمت بشكل كبير في إعادة ترميم وتأهيل هذه المعلمة التاريخية الدينية، حيث أمر الملك محمد السادس، سفير المغرب لدى باريس أنذاك، شكيب بنموسى، من أجل تقديم مساهمة مالية.
وقدر المبلغ الذي ساهم به المغرب في إعادة الترميم والبناء بـ 2 مليون أورور، أي أزيد من ملياري سنتيم بالعملة المغربية، ليسطف المغرب إلى جانب عدد من البلدان، الذين تلقت منهم فرنسا مبالغ مالية كبيرة تراوحت ما بين 600 مليون أورو ومليار أورو.
وكانت على قائمة المتبرعين بمبالغ مالية مهمة أبرز الأسماء والشخصيات الفرنسية وأصحاب الشركات الكبرى بفرنسا.
باريس تدعو الملك محمد السادس لحضور حفل الافتتاح:
بعد الانتهاء من إعادة بناء وترميم الكاتدرائية التاريخية، يرتقب أن يحضر الملك محمد السادس لافتتاح “نوتردام باريس” في السابع من دجنبر بدعوة رسمية من الإيليزيه ووزارة الشؤون الخارجية الفرنسية.
وستفتح الكاتدرائية أبوابها من جديد في احتفال رسمي يشهد حضور قادة وزعماء مجموعة من الدول من حول العالم، إلى جانب شخصيات دولية بارزة.
وقام قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية، بإعداد قائمة للشخصيات المدعوة، تضم حوالي مائة شخصية من قادة العالم، مؤكدة أن هذه القائمة تضم مجموعة من الأسماء البارزة، وعلى رأسها الملك محمد السادس، والرئيس الأمريكي جون بايدن، والرئيس القادم دونالد ترامب، حيث سيكون هذا الحدث فرصة نادرة تجمع بين الرئيسين المنتهية ولايته والجديد.