في ذكرى العلاقات المغربية الروسية التي أتمت 66 عاما في الفاتح من شهر شتنبر الحالي، تبرز أسباب استمرارية هذه العلاقة وماهية الضوابط والثوابت التي تحكمها.
في هذا الصدد قال المحلل السياسي محمد عصام لعروسي ، إن المنظورات السياسية أو التصورات الأمنية والتوجهات الإيديولوجية مختلفة تماما ما بين المغرب والاتحاد السوفياتي سابقا، وروسيا الآن وريثة الاتحاد السوفياتي.
وأوضح الدكتور محمد عصام لعروسي في تصريح ل”جريدة “سفيركم” الإلكترونية، أنه في الأساس المنطلقات الإيديولوجية متناقضة على اعتبار أن المغرب كان يدور في فلك الدول الغربية المتشبثة بالنظام الليبرالي والنظام الرأسمالي بشكل عام في مواجهة المد الشيوعي الذي كان يشكل الاتحاد السوفياتي، مضيفا أن في ذلك الوقت كان المغرب أيضا يلعب لعبة التوازن ما بين القوى المتناقضة، وكان في فترة الحسن الثاني رحمه الله يلعب هذه اللعبة على أساس أن مصالح المغرب هي مصالح مرتبطة بالمعسكر الغربي وفي نفس الوقت أيضا بالمعسكر الشرقي في بعض الأحيان.
وأبرز المحلل السياسي أنه برغم الانتماء لهذا المحور وبرغم تفضيل المغرب لهذا المحور الاستراتيجي، كان دائما ما يرتبط بعلاقات جيدة مع روسيا في مجموعة من القطاعات، مؤكدا أن هناك تعاونا وتنسيقا عسكريا كما أن المغرب كان يصدر الفوسفاط لروسيا.
وأشار لعروسي إلى أن المغرب يطبق سياسة “مسك العصا من الوسط”، موضحا أن من ثوابت السياسة المغربية عدم الانحياز وأخذ مواقف كالحياد الإيجابي في العديد من المواقف والقضايا.
وأكد المتحدث ذاته على أن المغرب تحكمه مجموعة من المحددات الأساسية لسياسته الخارجية، خاصة المرتبطة بالقضية المحورية الجوهرية وهي قضية الصحراء المغربية، مردفا: “بالتالي فروسيا والاتحاد السوفياتي سابقا كانت عضوا دائما في مجلس الأمن وبالتالي فتصويت روسيا دائما على تجديد بعثة المينورسو كل سنة أمر إيجابي بالنسبة للمغرب، وكذلك عدم الاعتراض على بعض القرارات الأممية التي تكون في صالح الوحدة المغربية وفي صالح الموقف المغربي، وفي المقابل فحتى في الحرب الروسية الأوكرانية لم يصوت المغرب لفائدة قرارات الجمعية العامة المنددة بالتدخل الروسي في أوكرانيا على اعتبار أن هذه المسألة لا تعني الأمن القومي المغربي بشكل مباشر”.
وأضاف المحلل السياسي محمد عصام لعروسي، أن استمرار العلاقات يبنى على أساس التفاهم، مشتشهدا بقوة العلاقة بين البلدين بحضور المغرب في المنتدى الروسي الإفريقي، الذي اعتبره لعروسي دليلا على العلاقة الوطيدة.
وتابع لعروسي أن هذا لا يعني سوى “أن المغرب يؤمن بالاعتدال والوسطية وكذلك بالحوار وعدم معادات المعسكر الشرقي وإن كانت التسمية قديمة لكن روسيا الآن تجدد هذا الدور والمغرب لا يتناقض مع ثاوبته في الحوار وفي نهج سياسة الاعتدال وإن كان مع محور لا يتقاسم معه نفس الأطروحات ونفس التصورات ونفس الاستراتيجيات وهذا الأمر هو الذي دفع أو جعل العلاقات بين البلدين تستمر ل66 عاما”.