تُعتبر النتائج التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط لإحصاء 2024، مقلقة وبمثابة ناقوس خطر وتحذير لما أضحت عليه البنية المجتمعية المغربية، سواء على مستوى البطالة أو الخصوبة أو البنية الديموغرافية التي بدأت تتجه نحو الشيخوخة.
في هذا السياق قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني ياسين عليا، إن نتائج الإحصاء التي تشير إلى تغير في البنية الديموغرافية من خلال ارتفاع مستوى الشيخوخة إلى حوالي أكثر من 13 في المئة وتراجع كذلك مستوى الأطفال الأقل من 15 سنة، إضافة إلى المؤشر الأكثر تأثيرا أو الأكثر إثارة للقلق هو المتعلق بانخفاض مستوى الخصوبة إلى أقل من 2 بحوالي 1.97 طفل لكل امرأة، وهي مؤشرات تفيد بأننا دخلنا مرحلة سنبدأ فيها بتراجع في عدد الساكنة.
وتابع عليا في تصريحه لجريدة “سفيركم” الإلكترونية، أن هذا التغير في البنية الديموغرافية مستقبلا سَيرهن قدرة المغرب، مؤكدا أن الديموغرافية هي العامل الأساسي أو المخزون الأساسي لخلق الثروة، وبالتالي فكل ما لاحظناه من نتائج يؤشر على أننا سنحتاج خلال السنوات القادمة إلى يد عاملة مما سيؤثر بطبيعة الحال على قدرة الاقتصاد الوطني وتحقيق الإقلاع المنشود مادام أن هذا الاقلاع مرهون بتوفر يد عاملة بوفرة وبجودة.
وواصل في السياق ذاته قائلا “لكن عند غياب الوفرة ستطرح الإشكالية، وسنصبح مثل الدول المتقدمة التي حققت هذا الانتقال الديموغرافي الخاص بها على مدى طويل تجاوز القرن، ولكن مع تحقيق نتائج اقتصادية مهمة”، مضيفا “لكننا في المغرب حققنا هذا الانتقال الديموغرافي في أقل من 50 سنة دون أن يكون مصحوبا بالنهضة الاقتصادية المنشودة”.
وأكد أستاذ الاقتصاد بأننا أصبحنا نعاني من مشاكل بنيوية تتعلق بالبنية الديموغرافية مماثلة لما يحدث في الدول المتقدمة التي أكملت عقدها التنموي أو أكملت مخططاتها التنموية، مما يَرهن الاقتصاد المغربي خلال السنوات القادمة ويعزز الأزمات البنيوية.
وختم المتحدث كلامه بأن التأثيرات التي ستحدثها هذه التغيرات خاصة في “مجال التغطية الاجتماعية وكذلك السياسات العمومية المتعلقة بالرعاية التي ستنضاف على كاهل الدولة”.
وحسب تقرير النتائج الذي أعلنت عنه مندوبية التخطيط، فإن التحولات الديموغرافية والاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي، بدأ على إثرها يتجه شكل الهرم السكاني نحو الانقلاب.
ويتجلى ذلك في انخفاض نسبة الشباب ونسبة السكان في سن النشاط وارتفعت في المقابل نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق. حيث بلغ عدد السكان الذين يصل سنهم 60 عاما فما فوق حوالي 5 ملايين نسمة سنة 2024 مقارنة ب3،2 مليون نسمة خلال 2014 أي بمعدل نمو سنوي يقدر ب4،6 في المئة، متجاوزا معدل النمو الاجمالي للسكان المقدر ب0،85 في المئة، مما يعكس تسارع شيخوخة السكان وحدوث تحول عميق في البنية الديموغرافية.