أبرز تقرير بحثي صادر عن مركز NTU-SBF للدراسات الإفريقية التابع لجامعة نانيانغ التكنولوجية، الفلاحة المغربية كقوة رائدة في الزراعة التجديدية عبر إفريقيا، فاتحة الباب أمام الشركات الآسيوية المتخصصة في الأعمال الزراعية للمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي الإفريقي.
الدراسة، التي نشرها البروفيسور مايكل تانشوم في 20 يناير، توضح كيف أن النهج المبتكر للمغرب في الزراعة التجديدية يعالج التحديات الحرجة للأمن الغذائي في إفريقيا، مع مواجهة التصحر وآثار تغير المناخ.
ويشير التقرير إلى أن “الزراعة التجديدية في إفريقيا لها أبعاد محلية وفورية أكثر، حيث تسعى إلى زيادة الإنتاج الزراعي المحلي لتعزيز الأمن الغذائي لنحو 290 مليون إفريقي يُتوقع أن يواجهوا الجوع المزمن بحلول عام 2030”,
وتؤكد الدراسة على نجاح المغرب في تحويل قطاعه الزراعي، مشيرة إلى أنه بعد عام 2020، تمكنت مبادرة المغرب الأخضر، التي استمرت لعقد من الزمن، من زيادة قيمة الصادرات الزراعية بنسبة 117% لتصل إلى نحو 3.5 مليار دولار، وخلق 342,000 فرصة عمل جديدة.
واعتبر البحث مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط لاعبا رئيسا في هذا التحول، حيث يصفها التقرير بأنها “أكبر منتج عالمي لمنتجات الفوسفات ورابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم”.
وتكشف الدراسة أن عائدات المجموعة وصلت إلى 9 مليارات دولار في عام 2023، موثقة الإنجازات الكبيرة في تطبيق الفلاحية دون حرث، وهي ممارسة أساسية في الزراعة التجديدية.
ومن خلال برنامج “المثمر”، الذي يعمل في 23 إقليما مغربيا، تم دعم أكثر من 4,000 فلاحا في 32,710 هكتارات – معظمها من الحبوب والبقول – باستخدام التقنية، وأظهر البرنامج نتائج مشجعة، مع زيادة متوسط غلة المحاصيل بنسبة 30% مقارنة بالزراعة التقليدية، وبتكلفة أقل.
وتوضح الدراسة أن تأثير المغرب يمتد إلى القارة الإفريقية من خلال “OCP Africa”، التي تعمل في 16 دولة إفريقية.
وقد حقق برنامج “Agribooster” الذي تديره المجموعة نتائج هامة في اقتصادات غرب إفريقيا الأربعة الكبرى المتمثلة في نيجيريا، غانا، كوت ديفوار، والسنغال، حسب الدراسة.
واستفاد 630,000 فلاح من البرنامج خلال أول خمس سنوات، مما أدى إلى زيادة بنسبة 48% في إنتاج الذرة في نيجيريا، و63% في إنتاج الدخن في السنغال.
ويتناول التقرير دور الشركات الفلاحية الآسيوية في الزراعة الإفريقية، مع التركيز على مبادرات شركة “Olam Agri” السنغافورية.
وذكر التقرير أن الشركة، التي تمتلك خبرة تزيد عن 30 عاما في الإنتاج الغذائي الزراعي بإفريقيا، تدير عمليات إنتاج غذائي في عشر دول إفريقية جنوب الصحراء. وقد أطلقت الشركة “أكبر برنامج عالمي معتمد للزراعة التجديدية في سلسلة توريد القطن” في كوت ديفوار.
وخلص البروفيسور تانشوم إلى أن الشراكة بين الفلاحين الأفارقة والشركات الزراعية الآسيوية أصبحت “ضرورة اقتصادية وبيئية”.
وأشار التقرير إلى أن الشركات المغربية المتخصصة في الحلول المستدامة التي تعمل في إفريقيا جنوب الصحراء تقدم “مسارا فعالا لتعزيز التعاون الإفريقي-الآسيوي في الزراعة التجديدية لتحقيق فوائد متبادلة”.
ويجادل التقرير بأن الزراعة التجديدية في إفريقيا تختلف عن النهج الغربي، حيث تركز بشكل أساسي على تحسين صحة التربة لمكافحة التصحر وزيادة إنتاجية المحاصيل، بدلا من التركيز فقط على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتبرز أهمية هذا النهج نظرا لأن إنتاج الحبوب في إفريقيا يمثل حوالي 30% فقط من الإنتاجية المقدرة، وأن متوسط إنتاجية محاصيل الحبوب في إفريقيا يعادل نصف إنتاجية الهند.
وفقا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والذي استشهد به التقرير، فإن إصلاح الأراضي في إفريقيا من خلال الزراعة التجديدية قد يؤدي إلى “إضافة 70 مليار دولار إلى القيمة المضافة الإجمالية لقطاع الفلاحة في إفريقيا”، بالإضافة إلى “فوائد كربونية تصل إلى 4.4 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون”.
وتشدد الدراسة على أن اعتماد الزراعة التجديدية في كل من إفريقيا وآسيا “أصبح ضرورة متزايدة لضمان الأمن الغذائي” في كلا المنطقتين، مع تقديم نموذج المغرب كمسار مثبت لتحقيق التنفيذ الناجح.