الهجرة غير النظامية.. المغرب بين المجهودات الجبارة والإجراءات الأمنية المستمرة

تواصل السلطات المغربية بذل جهود جبارة لمكافحة الهجرة غير النظامية، التي أصبحت تمثل تحديا كبيرا في المنطقة، حيث تسعى المملكة إلى السيطرة على تدفق المهاجرين غير النظاميين بشكل يوازن بين حماية سيادتها الوطنية وحدودها المشتركة مع إسبانيا في احترام تام لحقوق الإنسان والتزاماتها الدولية.

وتعتمد المقاربة الشاملة التي تبنتها السلطات المغربية بشكل كبير على الجانب الأمني، الذي يُعتبر عنصرا رئيسيا في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، ولا سيما في الأشهر الأخيرة التي توالت فيها محاولات التسلل إلى المدينتين المحتلتين والعبور إلى الضفة الأخرى، حيث تم تكثيف الدوريات الأمنية على طول السواحل الشمالية والجنوبية للمملكة، إلى جانب الاستعانة بأحدث التقنيات في مجال مراقبة الحدود، من طائرات بدون طيار وكاميرات مراقبة عالية الدقة، وكذا تعزيز التعاون الأمني مع إسبانيا لقطع الطريق على شبكات التهريب والاتجار في البشر التي تتغذى على معاناة المهاجرين.

الشبكات الاجتماعية.. إحباط محاولات للهجرة الجماعية:

وفي هذا الصدد، عرى المغرب عن حنكته الأمنية الاستباقية، من خلال القبض على المسؤولين عن الترويج لسيل من المنشورات والتدوينات المحرضة على الهجرة غير النظامية بشكل جماعي، نحو إسبانيا انطلاقا من مدينة سبتة المحتلة، يوم الـ15 من شتنبر الجاري، وذلك بعد رصده لمحاولات التحريض على اقتحام السياج الأمني الواقع بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتة.

ولاقى انتشار فكرة الترويج للهجرة الجماعية غير النظامية على وسائل التواصل الاجتماعي، ترحيبا كبيرا في صفوف الشباب والقاصرين، الذين عبروا عن إشادتهم بالفكرة وبعزمهم تطبيقها، من خلال تعليقات أو مشاركة تدوينات تدعو لهذه الخطوة، متغافلين عن الأخطار التي يمكن أن تلحق بهم في هذه العملية العشوائية، والتي غالبا ما كلفت من سبقوهم حياتهم.

واستطاعت السلطات المغربية بمدينة تطوان، القبض على شاب مغربي لا يتجاوز عمرة 20 سنة، بتهمة تورطه في نشر محتويات على منصات التواصل الاجتماعي، تدعو إلى الهجرة غير النظامية، لا سيما بعد ظهوره في أحد مقاطع الفيديو وهو يحث الآخرين على الانخراط في الهجرة الجماعية يوم الـ 15 من شتنبر الجاري، إلى جانب إيقافها، يوم السبت 31 غشت 2024، ستة أشخاص، تتراوح أعمارهم بين 16 و31 سنة، للاشتباه بتورطهم في نفس التهم.

وزارة الداخلية.. إحصائيات وأرقام تعكس مجهودات جبارة:

وبدورها، كشفت الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية المغربية، في الأيام الأخيرة، أنها قامت خلال شهر غشت المنصرم، بتسجيل رقم مهول للهجرة غير النظامية، بعدما أحبطت ما مجموعه 11.323 محاولة على مستوى عمالة المضيق الفنيدق، إلى جانب 3325 محاولة أخرى على صعيد إقليم الناظور، مبرزة أنها نجحت كذلك منذ بداية السنة الجارية في تفكيك حوالي 177 شبكة إجرامية تشتغل في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.

ومن جانبها، كانت قد أوضحت البحرية الملكية المغربية، أنها أنقذت منذ بداية السنة الحالية وإلى غاية متم شهر غشت الماضي، ما يزيد عن 10 آلاف و500 مهاجر غير نظامي، ممن كانوا في عرض البحر، سواء خلال السباحة أو على متن القوارب، حيث أن الذين تم إنقاذهم استفادوا لاحقا من “مساعدات طبية وإقامة واستشارات”.

وشكلت محاولات الهجرة غير النظامية التي أحبطتها السلطات المغربية خلال شهر غشت الماضي، نسبة 32% من جميع المحاولات التي أحبطها المغرب من بداية العام إلى حدود الآن.

وبهذا، فإن المغرب بحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعله بوابة بين إفريقيا وأوروبا، يدرك تماما أنه لا يمكن التصدي للهجرة غير النظامية إلا من خلال تعاون إقليمي ودولي فعال، ما يجعل المملكة تسعى دائما إلى الانخراط في محافل الحوار الدولي لتعزيز آليات التعاون المشترك وتبادل المعلومات مع دول العبور والمقصد.

تعليقات( 0 )