أُسدل الستار يوم أمس السبت على انتخابات تجديد هياكل الاتحاد الإفريقي، حيث تم انتخاب الجيبوتي، محمد علي يوسف، بمنصب الرئيس، في حين آل منصب نائب الرئيس إلى الجزائرية سلمى مليكة حدادي التي كانت تتنافس بقوة أمام المغربية لطيفة أخرباش التي كانت الأقرب للفوز به.
وبالرغم من أن منصب الرئيس هو الأكثر أهمية في هذه الانتخابات، إلا أن الأنظار كانت تتجه بقوة إلى انتخابات منصب نائب الرئيس، بالنظر إلى التنافس الشديد الذي كان عليه من طرف المغرب والجزائر، باعتبارهما أبرز مرشحين، إلى جانب مرشحة مصر.
النتيجة آلت إلى في النهاية إلى مرشحة الجزائر، سلمى مليكة حدادي، بفارق أصوات بسيط، بعد 6 جولات ماراطونية، تعكس مدى الصراع الشديد الذي كان على هذا المنصب بين المغرب والجزائر.
ووفقا للقراءة العامة لنتيجة انتخابات منصب رئيس الاتحاد الإفريقي، فإن الجزائر حققت فوزا مهما في أحد أهم المناصب في الاتحاد الإفريقي، على المغرب، إلا أن القراءة الثانية العميقة لهذه النتيجة تشير إلى أن المغرب نجح في إثبات ما كانت تشير إليه العديد من التقارير الدولية في السنوات الأخيرة.
نزول ثقيل وفارق ضئيل
أول شيء نجح المغرب في إثباته في انتخابات منصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي، هو أن نفوذ الرباط في القارة الإفريقية يتعاظم مقابل تراجع الجزائر، ونتيجة التصويت تؤكد ذلك، فالجزائر لم تفز إلا بفارق أصوات معدودة بعد 6 جولات، بالرغم من أن الجزائر نزلت بكل ثقلها في الدورة الـ38 للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي.
ويتجلى هذا الثقل في الوفد الجزائري الكبير الذي حل بأديس أبابا، بدءا من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بنفسه، مرورا بوزير الخارجية أحمد عطاف ومسؤولين دبلوماسيين جزائريين آخرين، من أجل دعم مرشحتهم سلمة مليكة حدادي، في حين مثل المغرب وزير الخارجية ناصر بوريطة.
وأشارت تقارير دولية في الأيام التي سبقت الانتخابات، إلى عودة الجزائر لما يُسمى بـ”دبلوماسية الحقائب”، أي تقديم الرشاوي للمسؤولين الأفارقة للتصويت لصالح المرشحة الجزائرية، لافتة إلى أن هذه الانتخابات كانت بمثابة “حياة أو موت” للجزائر، لكونها كانت تخشى التعرض للتهميش في حالة خسارتها لهذه المنصب بعدما فشلت في الحصول على التأييد للحصول على مقعد في مجلس السلم والأمن منذ أيام، وفق ما جاء في تقرير لإذاعة فرنسا الدولية (rfi).
لكن بالرغم من هذا الضغط الكبير الذي مارسته الجزائر، إلا أن نتيجة فوز المرشحة الجزائرية كان بفارق ضئيل، في الوقت الذي كان يُفترض أن يكون فوزا كاسحا أمام المرشحة المغربية، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن نفوذ المغرب يزداد داخل إفريقيا في حين يتراجع نفوذ الجزائر التي كانت منذ سنوات تجول وتصول داخل أروقة الاتحاد الإفريقي كيفما تشاء.
غياب مؤثر بالنسبة للمغرب
عامل آخر لعب لصالح الجزائر وأثر على المغرب في هذه الانتخابات، هو غياب 6 دول حليفة عن هذه الدورة الـ38 لقمة الاتحاد الإفريقي، بسبب تعليق عضويتها من الاتحاد نتيجة الأوضاع والانقلابات التي تعرفها، ويتعلق الأمر بمالي وبوركينا فاسو والنيجر والسودان والغابون وغينيا.
وتُعتبر هذه الدول حليفة ومقربة من المغرب وتدعم مواقفه داخل الاتحاد الإفريقي، وبالتالي فإن حضورها لو كان قد حدث، فكان سيكون له تأثير إيجابي بالنسبة للمملكة المغربية، وقد يعني فوز المغرب بهذا المنصب، بالرغم من الحضور الجزائري القوي في هذه الدورة.
صعود مغربي سريع
سبق أن أكدت العديد من التقارير الدولية أن نفوذ المغرب يشهد صعودا متواصلا داخل الاتحاد الإفريقي، مشيرة إلى أن هذا الصعود عرف نقطة انطلاق قوية منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في 2018، بعد انسحابه في فترة الثمانينات احتجاجا على قبول عضوية جبهة البوليساريو داخل الاتحاد.
وبالنظر إلى السنوات القليلة التي مرت منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ونجاحه في تشكيل منافسة قوية ضد الجزائر على مناصب إدارية هامة داخل هذا الجهاز القاري -بالرغم من أن الجزائر كانت تصول وتجول فيه منذ عقود- فإن هذا في حد ذاته يُؤكد تزايد نفوذ المغرب أمام تراجع نفوذ الجزائر.