تعرف السجائر الإلكترونية انتشارا كبيرا في المجتمع المغربي، خصوصا بين الأطفال والمراهقين والشباب، وسط إغراءات متنوعة تشمل نكهات وألوانا مختلفة، مما يجعلها تبدو كموضة العصر. ومع ذلك، يظل هذا الانتشار قائما في ظل غياب شبه تام للمراقبة من طرف الجهات المعنية. فمن المسؤول عن تفشي هذه الظاهرة بين الفئات اليافعة؟
وجوابا على هذه الإشكالية قال الدكتور عبد السلام الكرومبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة المخدرات، إن انتشار السجائر الإلكترونية مسؤولية تقع على عاتق جميع مكونات المجتمع، بما في ذلك الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية، مشيرا إلى أن القوانين المنظمة لهذا المجال هي جزء أساسي من الحل. وأضاف، “نحن نستحضر جميع التقاطعات، مما يوضح أن المسؤولية تقع على كل الفاعلين والمتدخلين”.
وأوضح الكرومبي، في حديثه لـ”سفيركم”، أن مركز طب الإدمان الذي تُديره الجمعية المغربية لمحاربة المخدرات يستقبل حالات محولة من المحاكم أو مؤسسات تعليمية، بالإضافة إلى زيارات الأسر، ووصف الظاهرة بأنها “عرضانية”، حيث تتداخل فيها جميع أطراف المجتمع.
وأشار إلى أن الجمعية لا تعول كثيرا على المقاربة القانونية، قائلا، “على سبيل المثال، القانون الخاص بالسجائر التقليدية ما يزال حبيس الرفوف منذ 1991، وهذا يعكس تراخيا وغياب إرادة سياسية حقيقية”.
وأضاف أن البرامج الحزبية بدورها لم تُخصص محورا لهذه الظاهرة، مشيرا إلى أن الفاعل السياسي لا يُعير الموضوع اهتماما ولا يدافع عنه داخل البرلمان.
وأكد رئيس الجمعية على أن “مطالبنا للحد من هذه الظاهرة ليست موجهة فقط لوزارة الصحة، بل أيضا لوزارة التربية والتعليم، حيث نلاحظ أن الأطر التربوية يشتكون من استعمال التلاميذ للسجائر الإلكترونية التي يُخفونها داخل حقائبهم، بينما يفتقر الأساتذة إلى وسائل فعالة لمنعهم”.
كما أبرز الكرومبي أن الجمعية طُلب منها سابقا المشاركة في صياغة برنامج لمكافحة المخدرات بالتعاون مع وزارات الصحة والداخلية والعدل والتربية الوطنية، إلا أن البرنامج لم يكتمل.
وأشار إلى أن الأمر ذاته حدث في ولاية حكومة بنكيران الأولى، حيث تم إعداد تصور عام تضمن دلائل للوقاية والعلاج والإدماج والمرتكزات القانونية، لكن المشروع لم يُنفذ بالكامل.
وأضاف الكرومبي: “كمجتمع مدني، طالبنا بأن تكون هناك رؤية واضحة ومدروسة بين جميع الفاعلين، مع التركيز على التحسيس والتوعية”.
من جانبه، قال ياسين الناصري، المشرف على القسم الاجتماعي لمركز طب الإدمان، لـ”سفيركم”، إن المركز استقبل عددا كبيرا من المدمنين بمختلف أعمارهم خلال عام 2024، حيث بلغ عدد الحالات 1008، تتراوح أعمارهم بين 6 و60 عاما.
وأوضح الناصري أن المركز لا يستقبل الأطفال والقاصرين مباشرة، لكن يتم متابعة حالاتهم من خلال توعية الآباء والأمهات عبر جلسات تحسيسية تهدف إلى مساعدتهم على حماية أبنائهم.
وأشار الناصري إلى أن بيع السجائر الإلكترونية يتم دون رقابة، مشيرا إلى أن بعض المحلات، كما هو الحال في مدينة مكناس، توفر هذا النوع من السجائر للأطفال، معتبرا ذلك “بوابة ذهبية نحو الإدمان”.
ويُذكر أن وزير الصحة السابق، خالد آيت الطالب، كان قد صرّح خلال جلسة أسئلة شفوية بمجلس النواب بأن الوقاية من تدخين النيكوتين، بما في ذلك السجائر الإلكترونية، بين الأطفال والمراهقين والشباب هي من أولويات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مؤكدًا أن الجهود المبذولة تتماشى مع توجيهات منظمة الصحة العالمية لعام 2023.