كشفت دراسة علمية حديثة، قادتها الباحثة المغربية غيثة احجيج من جامعة الدار البيضاء، عن أسباب جديدة وراء الإصابة بمتلازمة “عطيل”، وهي حالة نفسية نادرة مصاحبة بالغيرة المرضية يتوهم فيها المريض خيانة شريكه دون وجود أي أدلة تثبت ذلك.
وجاء في هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “Neurocase” العلمية، والتي أعاد موقع “Psychology Today” نشرها، أن سبب الإصابة بـ”متلازمة عطيل”، التي قد تدفع المصابين بها إلى سلوكيات عدوانية قد تصل حد إلحاق الضرر بشركائهم، يرتبط بشكل أساسي بمنطقة في الدماغ تسمى “المهاد/ Thalamus”، وهي المنطقة الوسطى بين النصفين المتساويين للدماغ؛ أي بين القشرة المخيّة والدّماغ المتوسّط، التي تعمل كمحطة لنقل المعلومات التي تدخل قشرة المخ وتخرج منه.
ويعود سبب تسمية هذه المتلازمة النفسية بـ”متلازمة عطيل” إلى أحد أبطال مسرحية “عطيل” للكاتب المسرحي ويليام شكسبير، حيث أقدم “عطيل” على قتل زوجته “ديدمونة” خنقا، بعد أن راودته غيرة مرضية حول خيانتها المزعومة، ليقرر فيما بعد الانتحار عقب اكتشاف براءتها وإدراك حقيقة أن كل شيء كان عبارة عن سوء فهم.
وواصلت الدراسة أن الإصابة بهذه المتلازمة النادرة، قد يكون نتيجة مجموعة من الأسباب، من قبيل: الفصام، والتعاطي للكحول والمخدرات، وحتى بسبب بعض الأمراض العصبية التنكسية كمرض باركنسون، كما أنها قد تنتج أحيانا عن إصابة على مستوى الدماغ كالسكتة الدماغية، مبرزة أن الأسباب العصبية المباشرة التي تكمن وراء الإصابة بهذه المتلازمة ما تزال غير واضحة.
وقادت الباحثة المغربية؛ غيتة احجيج، الفريق العلمي الذي أشرف على هذه الورقة البحثية، والتي درست حالة سيدة تبلغ من العمر 50 عاما، كانت تعيش حياة زوجية مستقرة لثلاثة عقود، لكن تعرضها لجلطة دماغية مفاجئة أثناء إعداد الطعام، تسبب لها في تلف كبير على مستوى منطقة “المهاد” في النصف الأيمن من الدماغ، التي تعد المنطقة المسؤولة عن نقل المعلومات الحسية وتنظيم الوعي والسلوك الاجتماعي.
وذكرت الدراسة أن المريضة تعافت جسديا بعد أسبوعين من العلاج، لكنها بدأت تعاني من أعراض “متلازمة عطيل”، حيث اتهمت زوجها بالخيانة مع شقيقتها، ثم مع ابنة إحدى صديقاتها، لتتحول تلك الأوهام لاحقا إلى سلوكيات عدوانية مثل: مراقبة هاتف زوجها وإيقاظه في منتصف الليل لاتهامه بالخيانة، كما وصل بها الأمر حد مهاجمته مرتين بالسلاح الأبيض.
ولفتت الدراسة إلى أنه عقب مرور سنة كاملة على إصابتها بـ”متلازمة عطيل”، تمكن الأطباء من السيطرة على حالتها، بعدما وصفوا لها نظاما علاجيا يتضمن أدوية مضادة للذهان، ما أدى إلى شفاءها واختفاء أعراض هذه المتلازمة.
وخلصت الدراسة إلى أن الضرر الذي أصاب المهاد الأيمن، أثر بشكل سلبي على الشبكات العصبية المسؤولة عن اتخاذ القرارات والسلوكيات الاجتماعية السليمة، ما تسبب للمريضة في ظهور أعراض الغيرة المرضية، مؤكدة أن هذه النتائج تفتح الباب على مصراعيه لفهم العلاقة بين الدماغ والاضطرابات النفسية.