أكد الناقد السينمائي والفني؛ محمد باكريم، أن قرار ترامب الأخير بفرض رسوم بنسبة 100 في المائة على الشركات الأمريكية التي تصور أعمالها خارج الولايات المتحدة، فرصة لتحصين صناعة السينما بورزازات ودعم الإنتاج المحلي المغربي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية متناقضة، فهي تشجع الليبرالية لكنها تفرض السيادة الوطنية على الإنتاج الثقافي، مشيرا إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات هذا القرار على المغرب كوجهة سينمائية.
وأوضح باكريم، في تصريح قدمه لموقع “سفيركم” الإلكتروني، أن هذا القرار مناسبة لإعادة التفكير في تقديم دعم عمومي للسينما الوطنية، وفرصة لتحصين الصناعة السينمائية بورزازات، وتقوية الإمكانيات الخاصة بأشكال الإنتاج، مبرزا أنه سبق وأن أشار لذلك قبل إعلان ترامب عن قراره، في سياق المنافسة القوية التي فرضتها دول أوروبا الشرقية القديمة على ورزازات، كبلغاريا ورومانيا، إلى جانب بلدان الخليج العربي التي توفر تحفيزات كبيرة للإنتاجات الأجنبية التي تصور بداخلها.
ودعا الناقد السينمائي إلى عدم التسرع في الحكم على هذا القرار نظرا لتعقيده، قائلا: “لا يجب أن نتسرع في هذا الموضوع، لأن السينما الأمريكية تحقق نجاحها الأول داخل بلادها، لكنها تعيش وتحيى على سيطرتها المطلقة على المخيال الجماعي العالمي بواسطة «منظومة صناعة الفرجة العالمية» عبر الشركات والمنصات العالمية الأمريكية” التي وصفها بـ”القوة الضاربة”.
واستطرد صاحب كتاب “النظرة والخطاب” أن أمريكا كانت منذ البداية فضاءا مغلقا أمام الإنتاجات السينمائية الأجنبية، وأنه من النادر أن تخترق أفلام أجنبية بنية التوزيع داخل بلد “العم سام”.
واعتبر باكريم أنه من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات قرار ترامب على السينما المغربية، مضيفا: “لا أظن أن الأفلام الأمريكية التي تشكل أغلب الإنتاجات الأجنبية المصورة بالمغرب، ستتضرر من هذا القرار، لأن اللوبي السينمائي الأمريكي سيدافع عن مصالحه، أما الصناعات السينمائية الأخرى، ولا سيما الأوروبية، فهي معتادة على نوع من الاستقلالية”.
وأردف قائلا: “سمحت عدة عوامل، أبرزها: تراكم التجربة المغربية، والمكاسب التي حققتها شركات الإنتاج المغربية، وكذا دعم المركز السينمائي المغربي، لمدينة ورزازات والمناطق المغربية التي تستقبل إنتاجات أجنبية أن تحمي ذاتها، وتحضر بشكل متميز في هذه السوق التي لا يجب أن ننسى بأنها ستعرف المزيد من المنافسة بغض النظر عن مآل قرار ترامب الذي فيه جعجعة أكثر من طحين”.
ووصف باكريم قرار الولايات المتحدة بـ”المتناقض”، فمن جهة تشجع أمريكا الليبرالية بواسطة منظومة التجارة العالمية، لكنها تفرض من جهة أخرى السيادة الوطنية على الإنتاج الثقافي، داعيا إلى تشجيع الإنتاج المحلي، إسوة بنموذج كوريا الجنوبية، الذي اعتبره ناجحا، نظرا لمكانته المتقدمة في الإنتاج السينمائي العالمي.
وفي هذا الصدد، قال: “اتخذ وزير ثقافة هذه الدولة، الذي كان سينمائيا معروفا، قرار إغلاق السوق الداخلية أمام الإنتاجات الأمريكية، ما سمح لكوريا أن تحقق قفزة كمية ونوعية سمحت لها أن تكون واحدة من أكثر الصناعات المنتشرة عالميا، وتلبي نسبة 80 في المائة من الاحتياجات الداخلية لسوقها”.
وفي سياق حديثه عن أهمية تشجيع الإنتاج المحلي، توقف الناقد السينمائي عند فشل السينما الامريكية في السيطرة على بعض الأسواق السينمائية العالمية، التي استطاعت بالفعل أن تفرض إنتاجا محليا، ويتعلق الأمر بالهند التي تلبي نسبة 99 في المائة من الحاجة الداخلية للسينما، مقابل نسبة تتراوح بين 30 و 40 في المائة بالنسبة للمغرب، ناهيك عن نيجيريا “نوليوود” التي استطاعت أن تحرر السوق الداخلية من هيمنة الأفلام الأجنبية.
ورجح محمد باكريم أن يكون الإعلان عن هذا القرار مجرد محاولة لإثارة زوبعة إعلامية، مفسرا ذلك بكون الولايات المتحدة الأمريكية من البلدان التي لا تعاني من المنافسة، والتي تحقق إشباعا ذاتيا فيما يخص توزيع أفلامها سواء على المستوى الداخلي أو العالمي الذي تحقق منه موارد جد ضخمة، مردفا أنه مثل هذا القرار يبقى شكلا من أشكال الممارسة السياسية المنسجمة مع الواقع الجديد الذي فرضته وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقتضي من السياسي الحضور في هذه المنصات لإثبات وجوده.