كشف بحث أكاديمي هولندي، أن أقلية الملحدين أو اللادينيين بالمغرب، لا يفصحون عن توجههم الديني بشكل علني، بل يلجأون إلى “أساليب خفية” خوفا من العواقب الاجتماعية.
وكشف هذا البحث الأكاديمي، الذي هو عبارة عن أطروحة دكتوراه لعالمة الأنثروبولوجيا لينا ريختر، من جامعة رادبود نايمخن، حول الأنماط الخفية التي يستعملها الملحدون في المغرب للتعبير عن توجههم الديني، أن الأغلبية الدينية في المغرب، مسلمة بحوالي 99٪، مبرزة أن الدين يلعب دورا محوريا في المجتمع المغربي.
وتابع هذا البحث الذي ستناقشه العالمة الأنثروبولوجية، يوم الأربعاء المقبل، أن الإعلان عن الإلحاد بشكل علني في المغرب، له عواقب اجتماعية وخيمة، لا سيما وأن كل مواطن يجب أن يحترم في المغرب الثوابت الثلاثة، وهي الدين، الملك، والوحدة الترابية، الواردة في شعار المملكة المغربية “الله، الوطن، الملك”.
وقامت الباحثة بإجراء مقابلات مع 50 شابا ملحدا، تتراوح أعمارهم ما بين 18 و35 سنة، من الطبقة المتوسطة، في المجال الحضري، فوجدت أنهم يعبرون عن توجههم الديني في أنماط خفية، مثل”وضع الوشم، أو التعاطي للخمر أو الذهاب إلى الحانة من حين لآخر، أو إفطار شهر رمضان، أو نشر تدوينات ساخرة من الإسلام على وسائل التواصل الاجتماعي”، مبرزة أن بعضهم يتوقف عن بعض الطقوس الدينية الشائعة عند المغاربة، من قبيل الصلاة أو الذهاب إلى المسجد.
وأشارت ريختر إلى أنه في المغرب يتم التسامح مع هذه الانتهاكات، سواء من قبل الحكومة أو المؤسسات الدينية وحتى داخل الأسرة، قائلة إن “الآراء غير الدينية لا تحظى بالتقدير، ولكن طالما أن الشخص لا يضخم من الأمر، فإن الناس في محيطه لن يفعلوا ذلك أيضًا”.
وأكدت أنه من السهل إلى حد ما أن تكون ملحدا في المغرب مقارنة مع أوروبا، التي يتم فيها استغلال الملحدين من قبل اليمين المتطرف، من أجل الترويج لصورة غير صحيحة عن المسلمين، حيث قالت إنه “يتم استخدام الأفراد غير المتدينين كأمثلة ضد الإسلام” ما يفسر تجنب العديد من الملحدين النقاشات العامة .
وذكرت الباحثة أن ظاهرة الإلحاد في المجتمع الإسلامي ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى زمن قديم وتحديدا في القرن التاسع، إذ كان مجموعة من الشعراء والفلاسفة ينتقدون الدين، لافتة إلى أن الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي سلط الضوء بشكل كبير على هذه الظاهرة، لا سيما مع ارتفاع النقاشات الدينية في صفوف الشباب المغربي.
وميزت في بحثها بين نوعين من الملحدين، واحد متشدد متعصب لأفكاره وأكثر تحفظا، وآخر منفتح، يتقبل النقاش الديني، حيث قالت أنها وجدت خلال إجراء بحثها مجموعة من الشباب الذين أكدوا لها أنهم على الرغم من إلحادهم إلا أنهم”ما زالوا يمارسون بعض الطقوس الدينية مع أسرهم، لكونهم يشعرون بالارتباط الديني والأمان، خاصة خلال الاحتفاء بشهر رمضان مع أسرهم”.
تعليقات( 0 )