في ظل موجة الأحداث العنيفة التي اجتاحت عدة مدن بريطانية مؤخرا، تعالت الأصوات محذرة من تنامي خطر اليمين المتطرف وتأثيره السلبي على مستقبل المهاجرين والجالية العربية المسلمة والمغربية في البلاد. لا سيما بعد استغلالها مقتل ثلاث فتيات في هجوم مروع، للترويج إلى أن القاتل مهاجر مسلم، على الرغم من نفي الشرطة لهذه الادعاءات.
وأعمال العنف التي اندلعت في جميع أنحاء بريطانيا ليست إلا حلقة جديدة في سلسلة متزايدة من التوترات الاجتماعية التي تقودها الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تستغل مثل هذه الأحداث الفردية لنشر خطاب الكراهية والخوف من المهاجرين، ما يؤدي إلى تصاعد التوتر والعنف في الشوارع.
وعلى الرغم من تأكيد الشرطة والحكومة البريطانية على أن التحقيقات لا تدعم الاتهامات الموجهة إلى المهاجرين المسلمين، إلا أن تأثير الشائعات والاتهامات الكاذبة كان مدمرا، حيث خلفت أعمال الشغب مجموعة من الخسائر المادية وخاصة في ممتلكات المواطنين البريطانيين من أصول مسلمة، إلى جانب تسجيل حالات إصابة في صفوف العديد من المهاجرين ورجال الشرطة.
وفي الوقت التي كانت فيه بريطانيا نموذجا لمجتمع يحتفي بالتنوع ويكرس للاختلاف، بدأت الجاليات العربية والجالية المغربية في البلد في الشعور بقلق كبير حول سلامتها ومستقبلها، حيث يتزايد لديهم الخوف من التعرض للاعتداءات الجسدية واللفظية في الأماكن العامة، بالإضافة إلى التمييز في مختلف مناحي الحياة اليومية، خاصة بعد نجاح اليمين المتطرف في شحن المجتمع البريطاني بإيديولوجية معادية للمهاجرين والمسلمين، فالأجواء المشحونة بالكراهية تزيد من صعوبة اندماج هذه الجاليات في المجتمع البريطاني، ما يؤثر سلبا على فرص استقرارهم في البلد.
ويمكن أن تنعكس التوترات الحالية التي تعرفها بريطانيا على الجاليات المسلمة والمغربية، لتشمل انتهاكات حقوق الإنسان والتمييز الممنهج ضد المهاجرين، حيث ستجد الأسر المعاجرة نفسها في مواجهة تحديات متزايدة في الحصول على سكن لائق، وفرص عمل عادلة، وخدمات تعليمية جيدة، وهذا التمييز والتحيز يؤديان إلى زيادة مستوى تهميش هذه الجاليات، ما يعمق من مشاعر الغربة والانفصال عن المجتمع.
وكان إيلون ماسك ، مالك منصة إكس، قد أبدى في تدوينة له قلقه مما يحدث في بريطانيا، قائلا: “الحرب الأهلية حتمية في بريطانيا”، وذلك بعدما عقد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، اجتماعا مستعجلا أكد فيه أن الحكومة ستفرض “عقوبات جنائية سريعة” على المشاركين في أعمال الشغب التي تعرفها البلاد.
ومن جانبه، وصف نيل باسو، الذي كان مديرا لجهاز مكافحة الإرهاب من 2018 إلى 2021، أعمال الشغب، التي تعرفها بريطانيا، بأنها “تصنف في دائرة الإرهاب”، موجها دعوته إلى المسؤولين من أجل الانتباه إلى هذه المسألة “وينظروا إليها عن كثب، فمن المهم أن يدقق المسؤولين في المعنى القانوني للإرهاب”.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعات كبيرة مناصرة لليمين المتطرف، قد هاجمت في مدن عديدة، مجموعة من المساجد والفنادق، التي تؤوي طالبي اللجوء والمهاجرين، ووصلوا حد إضرام النار فيها ورشق الشرطة التي تحاول تهدئة الوضع بالحجارة.