كشفت وكالة “رويترز” تفاصيل مثيرة حول الساعات الأخيرة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في سدة الحكم بدمشق قبل انهيار نظامه كليا وفراره خارج الأراضي السورية ليصبح المطلوب الأول لدى الشعب السوري بعد الإطاحة به.
وأفادت الوكالة الدولية، أن الأسد لم يُطلع أحدا تقريبا على خططه للهروب من سوريا مع انهيار حكمه، وبدلا من ذلك، خُدعت أوساطه المقربة، من مساعديه ومسؤوليه وحتى أقاربه، وتركهم في ظلام، وفقا لما قاله أكثر من 12 شخصًا على دراية بالأحداث لوكالة رويترز.
وقبل ساعات قليلة من فراره إلى موسكو، حسب “رويترز”، طمأن الأسد خلال اجتماع ضم نحو 30 من قادة الجيش والأمن في وزارة الدفاع يوم السبت الماضي بأن الدعم العسكري الروسي في طريقه، وحث القوات البرية على الصمود، وفقًا لما ذكره قائد حضر الاجتماع وطلب عدم الكشف عن هويته.
وأخبر الأسد مدير مكتبه الرئاسي يوم السبت أنه سيعود إلى منزله بعد انتهاء العمل، لكنه بدلاً من ذلك توجه إلى المطار، وفقًا لما ذكره أحد مساعديه المقربين. كما اتصل بمستشارته الإعلامية بثينة شعبان وطلب منها المجيء إلى منزله لكتابة خطاب له، وعندما وصلت، وجدت المنزل فارغًا، يضيف ذات المصدر.
وأبرزت “رويترز” أن بشار لم يبلغ حتى شقيقه الأصغر ماهر، قائد الفرقة الرابعة المدرعة، بخططه للهروب، وفقًا لثلاثة من مساعديه، وقال أحدهم إن ماهر استخدم طائرة هليكوبتر للفرار إلى العراق ثم إلى روسيا.
وبالطريقة نفسها، وفق الوكالة، تُرك أبناء خاله، إيهاب وإياد مخلوف، وراءه عندما سقطت دمشق في أيدي الثوار، وفقًا لما ذكره أحد مساعدي الأسد ومسؤول أمني لبناني.
وتابعت رويترز مشيرة إلى أن الأسد فر بنفسه من دمشق بطائرة يوم الأحد، 8 دجنبر، حيث طارت تحت الرادار مع إيقاف جهاز الإرسال الخاص بها، وفقًا لدبلوماسيين إقليميين، هاربًا من قبضة الثوار الذين كانوا يقتحمون العاصمة.
وقالت إنه بذلك “أنهى حكمه الذي استمر 24 عامًا ونصف قرن من سيطرة عائلته على البلاد، كما أنهى حربًا أهلية استمرت 13 عامًا”.
وكشفت أن طائرته طارت إلى قاعدة حميميم الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية، ومنها إلى موسكو.
وأوضحت أن عائلته المباشرة، زوجته أسماء وأطفاله الثلاثة، كانوا في انتظاره في العاصمة الروسية، وفقًا لما قاله ثلاثة من مساعديه السابقين ومسؤول إقليمي بارز.
كما عادت “رويترز” لتكشف ما وقع مع الأسد في أيامه الأخيرة، مشيرة إلى أنه استنفد خياراته، ثم قبل في النهاية حتمية سقوطه وقرر مغادرة البلاد، منهياً حكم عائلته الذي بدأ عام 1971.
وقال ثلاثة من أفراد دائرته المقربة للوكالة، إن الأسد أراد في البداية طلب اللجوء في الإمارات العربية المتحدة، بينما كانت قوات المعارضة تستولي على حلب وحمص وتتقدم نحو دمشق.
ومع ذلك، رفضت الإمارات استقباله خوفًا من رد فعل دولي عنيف، حيث يخضع الأسد لعقوبات أمريكية وأوروبية بسبب مزاعم استخدامه أسلحة كيميائية لقمع المعارضين، وهي اتهامات ينفيها الأسد ويصفها بأنها مختلقة، حسب رويترز.
وفي المقابل، ووفق ذات المصدر، لم تكن موسكو، رغم رفضها التدخل العسكري، مستعدة للتخلي عن الأسد تمامًا، وقال مصدر دبلوماسي روسي لرويترز، إن وزير الخارجية سيرغي لافروف قاد جهودًا دبلوماسية مكثفة لضمان سلامة الأسد، حيث تعاون مع تركيا وقطر لاستخدام علاقاتهما مع هيئة تحرير الشام لتأمين خروجه إلى روسيا.
ووفقًا لثلاثة مصادر، تضيف رويترز، قامت قطر وتركيا بترتيبات مع هيئة تحرير الشام لتسهيل خروج الأسد، على الرغم من المزاعم الرسمية من كلا البلدين بعدم وجود أي تواصل مع الهيئة، التي تصنفها الولايات المتحدة والأمم المتحدة كمنظمة إرهابية.
نسقت موسكو أيضًا مع الدول المجاورة لضمان أن الطائرة الروسية التي تغادر الأجواء السورية وعلى متنها الأسد لن يتم اعتراضها أو استهدافها، حسب الوكالة.