بعد الإعلان البريطاني عن دعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كأساس لحل نزاع الصحراء المغربية، يكون المغرب بذلك قد نجح في كسب تأييد ثلاث دول مؤثرة وذات عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، والتي تمتلك مواقف حاسمة في جميع قرارات المجلس، خاصة وأنها تتمتع بحق النقض (الفيتو).
فبعد أن بادرت الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء ودعمت مقترح الحكم الذاتي، وأعادت فرنسا التأكيد على موقفها الداعم لهذا المقترح، جاء الدور على بريطانيا التي انضمت إلى هاتين الدولتين في دعم المبادرة المغربية، ليبقى فقط كل من الصين وروسيا من بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن دون موقف داعم صريح حتى الآن.
ويرى مراقبون أن نجاح الدبلوماسية المغربية في إقناع الولايات المتحدة وفرنسا ثم بريطانيا بدعم مقترح الحكم الذاتي يشكل فرصة مواتية لتحقيق اختراق آخر، يتمثل في إقناع الصين وروسيا بالانضمام إلى هذا التوجه، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية الحسم النهائي لهذا الملف خلال السنة الجارية.
وفي هذا السياق، قال الخبير والمحلل الاستراتيجي محمد شقير: “الصين عانت بدورها من الأطروحات الانفصالية، ولا تزال تطالب باسترجاع تايوان، وبالتالي فإنها، من حيث المبدأ، تُبدي مواقف رافضة للحركات الانفصالية وتدعم سيادة الدول ووحدتها”. وأشار إلى أن “السلطات الصينية لا تنسى أن المغرب كان من بين أشد المدافعين عن استرجاع الصين لمقعدها في مجلس الأمن بدلاً من تايوان”.
وأضاف شقير، في تصريح لموقع “سفيركم”، أن “الشراكة الاقتصادية والتجارية بين المغرب والصين تعكس متانة التعاون الثنائي في الحاضر والمستقبل، ويكفي للدلالة على ذلك أن الرئيس الصيني توقف في المغرب خلال مشاركته في أحد المنتديات، حيث استُقبل من طرف ولي العهد، ما يشير إلى علاقات قوية مرشحة للتطور، وقد تُفضي مستقبلاً إلى انضمام الصين إلى الدول الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي”.
أما بخصوص الموقف الروسي، فأوضح شقير أن “العلاقات الروسية الجزائرية تمر حاليًا بمرحلة من التوتر، وقد تجلى ذلك خصوصًا في مالي، حينما تعرضت قوات من مجموعة فاغنر الروسية لهجمات من حركات انفصالية مالية، بدعم جزائري، وهو ما لا يرضي موسكو التي تسعى لتوسيع نفوذها في منطقة الساحل، بما في ذلك على الحدود الجزائرية المالية”.
وختم الخبير في العلاقات الدولية تصريحه بالقول: “روسيا تنظر إلى ملف الصحراء المغربية من زاوية مخلفات الحرب الباردة والحقبة السوفياتية، غير أن تنامي مصالحها مع المغرب، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو التجاري، إضافة إلى توتر علاقاتها مع الجزائر، التي تناهض حلفاء روسيا في المنطقة مثل مالي والنيجر، قد يدفع موسكو إلى مراجعة موقفها والانضمام إلى داعمي المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل للنزاع حول الصحراء”.