وجدت الحكومة الإسبانية نفسها في الأيام الأخيرة، في موقع قوة، للدفاع عن قرارات سياستها الخارجية ضد الانتقادات الشديدة من طرف أحزاب المعارضة، وبالأخص فيما يتعلق بالعلاقات الإسبانية مع المغرب، التي كانت في السنوات الأخيرة أحد أبرز النقاط الرئيسية التي تستغلها المعارضة لانتقاد الحكومة الاشتراكية التي يقودها بيدرو سانشيز.
ويرجع فضل هذه “القوة” في ردود الحكومة الإسبانية الأخيرة على المعارضة، إلى المغرب بالدرجة الأولى، الذي أبان عن التزام كبير باتفاقيات التعاون مع مدريد، وتجلى ذلك في عمليات التصدي الكبيرة التي قامت بها القوات الأمنية المغربية للمهاجرين غير النظاميين، ومنع وصول الآلاف منهم إلى مدينة سبتة المحتلة.
كما أنه بفضل التعاون الأمني المغربي، تمكنت السلطات الأمنية الإسبانية في اليومين الأخيرين، من إلقاء القبض على المدعو “كريم البقالي”، الذي يُعد المتهم الرئيسي في مقتل ضابطين للحرس المدني على يد قارب لمهربي المخدرات، وهي الحادثة التي كانت قد وقعت في ميناء بارباتي بجنوب إسبانيا في فبراير الماضي، وهزت الرأي العام الإسباني أنذاك.
ولولا التعاون الأمني المغربي الكبير، لكانت سبتة المحتلة، تعيش اليوم “مأساة جديدة” في مجال الهجرة، ولكان البقالي حرا طليقا، وهو ما كان سيعني ضغوطات شديدة على حكومة بيدرو سانشيز من طرف أحزاب المعارضة، التي لطالما انتقدت الحكومة الاشتراكية بدعوى أنها لم تجن شيئا من إعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء.
اليوم تمتلك الحكومة الإسبانية أدلة قوية لإثبات نجاح قرارات سياستها الخارجية مع المغرب، وقد ظهر هذا بشكل واضح في تصريحات وزير الخارجية، خوسي مانويل ألباريس، الذي أشاد بالتعاون الأمني المغربي، وذهب أبعد من ذلك، وطلب من حزب “فوكس” اليميني المتطرف، إلى الاعتراف بهذه المجهودات.
كما خرج أيضا وزير الداخلية، فيرناندو غراندي مارلاسكا، أمس الجمعة، وأكد على أن التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا “استثنائي ومذهل”، وهو ما يُمكن اعتباره، بمثابة “إخراس” للمعارضة الإسبانية التي تجد نفسها اليوم عاجزة على انتقاد حكومة سانشيز، في ظل هذه المعطيات الميدانية الواضحة.
جدير بالذكر أن من بنود اتفاق الاجتماع الرفيع المستوى الذي جمع بين الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية في فبراير 2023، بعد إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، هو التعاون الثنائي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، والتعاون الأمني لمحاربة الجريمة المنظمة.
تعليقات( 0 )