أبرز تقرير صحفي مطول لمجلة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية، على لسان شهادات فلاحين ومسؤولين وخبراء في المغرب، التحولات السلبية التي شهدها القطاع، خلال السنوات الأخيرة، بسبب نقص الأمطار وتغير الممارسات والبرامج الفلاحية.
واعتبرت المجلة الاقتصادية أن هذا التراجع يمثل تحولًا كبيرًا في قدرة المغرب على تزويد شعبه بالمواد الغذائية الأساسية، وسيزيد من النفقات في وقت تواجه فيه الحكومة فاتورتين ضخمتين تتمثلان في إعادة إعمار بقيمة 120 مليار درهم بعد زلزال الحوز، و20 مليار درهم لتطوير وبناء الملاعب والبنية التحتية استعدادا لتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
ونشر تقرير المجلة الأمريكية، شهادة فلاح مغربي يدعى محمد صديري، صاحب 77 سنة، الذي قال إنه وبعد أن قام بزرع نفس الـ 3 هكتارات في غرب المغرب منذ عام 1963، لم ير الأرض بهذا الجفاف من قبل.
وربطت المجلة شهادة محمد بالأرقام الرسمية التي كشفت انخفاض غلات القمح العام الماضي إلى طن واحد لكل هكتار، ما يعتبر أقل محصول قمح في تاريخ المغرب الحديث على الإطلاق، في وقت تمر المملكة بأسوأ فترة جفاف منذ ثلاثة عقود، تضيف “بلومبيرغ”.
وقال تقرير المجلة إن محمد واحد من بين 1.2 مليون فلاح حبوب مغربي يعانون من وطأة التغير المناخي في المغرب، حيث تزايدت وتيرة الجفاف خمسة أضعاف مقارنة بالقرن الماضي.
وتتوقع السلطات المغربية، حسب “بلومبيرغ”، أن يكون محصول القمح الحالي أقل من 2.5 مليون طن، أي أبعد بكثير عما تعتمد عليه الموازنة العامة وأدنى مستوى فلاحي للمملكة منذ أزمة الغذاء العالمية عام 2007.
وكشفت المجلة أنه من المتوقع أن تكون الواردات ثلاثة أضعاف هذا المقدار، وفقًا لتوقعات الحكومة الأمريكية، مشيرة إلى أن الموسم الفلاحي الماضي في المغرب هو الخامس في ستة مواسم يغلب فيه استيراد القمح إنتاجه.
ونقل تقرير “بلومبيرغ” كذلك، رأي الخبير في السياسات المائية عبد الرحيم حندوف الذي قال إن “الفلاحة تعيش مأساة خاصة زراعة الحبوب”.
وأضاف الباحث في المعهد الوطني للبحث الزراعي، للمجلة قائلا، “سنستورد المزيد من القمح على المدى القصير والمتوسط لأن إصلاح الوضع سيتطلب وقتًا طويلاً”.
في حين قال مايكل بوم، المدير العام المساعد المؤقت للمركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة لذات المجلة إن “الجفاف المتتابع أدى إلى انخفاض الإنتاج السنوي للمغرب من القمح والقمح الصلب والشعير إلى 3 ملايين طن مقارنة بـ 10 ملايين طن في موسم رطب قبل ثلاث سنوات”.
وأردف بوم، “الجفاف أصبح أكثر تواترًا وأكثر شدة ويرفع أيضًا أسعار الغذاء”.
وأشارت “بلومبيرغ” في تقريرها أيضا إلى أن المغرب هو أحد المشترين الرئيسين للحبوب الفرنسية، حيث أنفق 562 مليون يورو العام الماضي، وفقًا لمكتب المحاصيل الفرنسي FranceAgriMer، في وقت وصلت أسعار القمح الطري الآجلة المتداولة في باريس إلى أعلى مستوى لها منذ عام في ماي، قبل أن تنخفض.
وتطرقت المجلة إلى مفاقمة الطقس القاسي الفجوة الكبيرة في الدخل بين المناطق الحضرية والقروية بالمملكة، مشيرة إلى فقد حوالي 200,000 وظيفة في العالم القروي العام الماضي، مما أدى إلى زيادة معدل البطالة الوطني إلى 13%.
وختمت “بلومبيرغ” تقريرها، بمقارنة كوميدية سوداء، قالها الفلاح محمد صديري حول مدى تغير قريته منذ الثمانينات، عندما لم يكن هناك كهرباء أو خطوط هاتفية أو مدارس، ولكن كان هناك الكثير من المطر، بينما الآن لديهم الأولى ولكن يفتقرون إلى الأخيرة.
تعليقات( 0 )