قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، لم يقتصر على الإشادة بحوار الحضارات، بل جسده على أرض الواقع.
وأبرز بوريطة خلال كلمة له في المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات المنعقد في بلدة كاشكايش بضواحي لشبونة، أن المغرب عبر خياراته وأفعاله، يرسم مسارا متميزا وتجربة فريدة، تمثلان مصدر إلهام لتحالف الحضارات وأعضائه.
واقتبس بوريطة في ذات السياق، عبارات من الرسالة التي وجهها الملك للمشاركين في المنتدى والتي قال فيها “إن المملكة منخرطة في التحالف أولا لأسباب جوهرية نابعة من صميم هوية المغرب، ثم لأسباب ترتبط أساسا بالتزاماتها”.
وأضاف الملك، أن المملكة “تعزز الانفتاح كثقافة للسلام وتعيش الدين كآلية لإشاعة للسلام وتعمل من أجل التنمية كركيزة للسلام”.
وأكد بوريطة أن الملك محمد السادس يقول هذه الكلمات لكل من يسمع، “المستقبل يبنى بأياد ممدودة وليس بقبضات مشدودة”، مشددا على أن “هذا المستقبل بالنسبة للمغرب يمر عبر إفريقيا”.
وأردف بالقول، “إفريقيا وعد حي لها وللعالم، إفريقيا بوتقة تنصهر فيها العديد من الرهانات: الشباب والمناخ والأمن الغذائي والهجرة والحوار بين الأديان”، مشيرا إلى أن إفريقيا هي أيضا “أرض الحلول”، وهي خزان حيوية البشرية ونمو العالم.
واعتبر الوزير من جانبه أن التحالف يجب أن يمد يده أكثر إلى هذا القارة التي تمثل كل الآمال، معربا عن أسفه لأن إفريقيا ممثلة تمثيلا ناقصا في التحالف، حيث لا تشكل سوى 20 بالمائة من أعضاء مجموعة الأصدقاء، بالكاد منهم 15 بالمائة من منطقة جنوب الصحراء.
وقال: “هذا الإجحاف الاستراتيجي يسقط جانبا مهما من منظور أساسي”.
ودعا بوريطة باسم المغرب إلى بناء جيوسياسية تضامنية حقيقية أكثر من مجرد جبر الضرر، مبرزا أن تحالف الحضارات هو المنتدى المثالي لهذا الغرض، لأنه قادر على صياغة توافقات أخلاقية، لا سيما في مواجهة التحديات المناخية والإنسانية والصحية والتكنولوجية.
وتأسف الوزير قائلا “في كثير من الأحيان، ينتشر الظلم ويتصادم التطرف، وفي كثير من الأحيان، يلتقي الإرهاب مع الانفصالية، في أمل وهمي بالازدهار معا، وأحيانا كثيرة، تستنزف الحرب دون أن تكل: في أوروبا، وإفريقيا، والشرق الأوسط”.
وتابع قائلا “وفي هذه الأثناء، يتحدى التغير المناخي المستقبل ويزدري الإنسانية التي تكاد تجرؤ على محاربته..وفي هذه القائمة المأساوية، يجسد الوضع في غزة وبشكل أوسع في فلسطين ولبنان هذه الانقسامات التي تم إنشاء تحالف الحضارات، أساسا، من أجل سدها”.
وطالب بوريطة المجتمع الدولي بضرورة التصرف بكل قوته، وفي مقدمته التحالف، “ليس كمؤسسة أخرى، بل كضمير عالمي في مواجهة خطر كوني”.
وفي ذات الصدد، من المقرر أن تطرح هذه الدورة العاشرة لتحالف الحضارات، التي تنظم تحت شعار “استعادة الثقة وإعادة تشكيل المستقبل”، تساؤلات حول عقدين من الحوار، بهدف إعادة تعبئة الناس حول مثل أعلى مشترك، ألا وهو السلام.
وتعليقًا على ذلك قال بوريطة، إن “هذا المثل الأعلى متصدع من جميع الأطراف”.
وأكد على أن التحالف أثبت خلال 20 سنة من وجوده جدارته من خلال سلسلة من اللقاءات في جميع أنحاء العالم، وفي كل مرحلة “لم يكتف المغرب بالإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع”.
وذكّر في هذا الصدد بنداء القدس الذي أطلقه الملك محمد السادس والبابا فرانسوا في مارس 2019، والمؤتمر البرلماني حول الحوار بين الأديان الذي عقد في مراكش في يونيو 2022، وإعلان فاس في نونبر 2022، وهي كلها حصون منيعة ضد جميع أشكال التطرف.
كما أشار الوزير إلى خطة عمل الرباط بشأن التصدي للدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، وإعلان يوم 18 يونيو “اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية”، وهو ثمرة لمبادرة تقدم بها المغرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وخلص بوريطة إلى الإعراب عن ارتياح المغرب لافتتاح كرسي تحالف الحضارات بالجامعة الأورومتوسطية بفاس يوم 6 دجنبر، قائلا إن “هذا الكرسي يربط بشكل مستدام المغرب بالتحالف، والتحالف بالمغرب”.
تعليقات( 0 )