بين الضيافة والصد.. هكذا تعامل المغاربة مع فرق الإحصاء

في مشاهد تعكس تباين تفاعل المواطنين المغاربة مع فرق الإحصاء، عمد مواطنون إلى الترحيب بهم وتقديم المساعدة لهم كاشفين عن حس الضيافة المغربية المتجذر في المغاربة، في حين اختار آخرون التزام بيوتهم أو حتى الرفض التام للمشاركة في هذه العملية الرامية إلى جمع معطيات حول السكان، والمنظمة في جميع بقاع المملكة المغربية، والتي تستمر طيلة شهر شتنبر الجاري.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي توثق لمدى كرم وضيافة المغاربة، الذين استقبلوا فرق الإحصاء وجادوا عليهم بما تيسر رغم ضيق اليد و موجة الغلاء، ولا سيما في المناطق القروية التي قرر أهلها إعداد الغذاء لفرق الإحصاء التي تجوب منزلا تلو الآخر لجمع المعطيات التي يحتاجونها في هذه العملية.

وفي هذا الصدد، أكد عبد النبي، وهو رجل متقاعد من مدينة بني ملال، في تصريح لجريدة “سفيركم” الإلكترونية، على أهمية الإحصاء ودوره على المساعدة في صياغة سياسات عمومية، تراعي الوضعية الحقيقية والواقعية للمواطن المغربي، قائلا: “لقد طرقوا باب منزلي وخرجت وأجبت عن أسئلتهم التي كانت روتينية وعادية، وحقيقة كان أسلوب المكلفة بجمع المعطيات ينم عن أدب واحترام كبيرين، وسعيد لأنني ساهمت بجزء بسيط في هذا العمل الوطني الذي يعكس صورة المجتمع المغربي، والذي يمكن أن تساعد خلاصات بياناته في صياغة سياسات تضع في صلب اهتمامها واقع المواطن البسيط”.

ومن جانبها، قالت فاطمة التي تقطن في حي الأمل، وهي ربة بيت من مدينة بني ملال “صراحة، عندما طرقوا باب منزلي، ظننت أنهم بائعو منتجات! وترددت في فتح الباب لكن حين رأيت من النافذة أن الشاب يحمل لوحة رقمية ويرتدي ‘بادج’ فتحته، وكنت متوترة قليلا في البداية ومترددة بعض الشيء بشأن تقديم معلومات شخصية، لأن زوجي هو من كان يدلي بهذه المعطيات، لكن الشاب كان لطيفا وسألني عن عدد أفراد الأسرة، ونوع العمل الذي يزاوله زوجي وهل سبق لأحد أفراد الأسرة أن كان مقيما في الخارج إلى جانب بعض الأسئلة الأخرى التي لا أتذكرها بصراحة”.

وفي مقابل ذلك، يلمس المتصفح لوسائل التواصل الاجتماعي أن بعض المواطنين الذين ينتمون للفئات الهشة قد عبروا عن مخاوفهم من تأثير الإدلاء ببياناتهم الشخصية على حقهم في الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، فيما اعتبر مواطنون آخرون من الطبقة الغنية والمتوسطة أن الإحصاء العام للسكان الذي يضم مجموعة من الأسئلة الشخصية يهدف إلى تحديد ممتلكاتهم.

وفي هذا الصدد، قالت مليكة وهي اسم مستعار لسيدة رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي: “أنا قلقة بشأن خصوصيتي، وأخشى أن يتم تسريب المعلومات التي أقدمها، لا أريد أن يكون الإحصاء سببا في منعي من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، لا سيما وأنني في أمس الحاجة له، فظروف أسرتي المادية صعبة جدا”.

ومن جانبها، قالت لمياء وهي طالبة جامعية مشاركة في الإحصاء، أنها واجهت رفقة زملائها صعوبات أثناء القيام بعملهم، مشيرة إلى أن بعض المواطنين المغاربة قد أدلوا بمعلومات كاذبة، فيما عبر آخرون عن رفضهم الصريح والواضح الإدلاء بأي معلومة، مؤكدة أن البعض الآخر قد التزم الصمت داخل المنزل، قائلة: “في كثير من الحالات كنا نطرق بعض البيوت، لكن أصحابها يتظاهرون بأنهم غير موجودين”.

وأضاف زميلها في تصريحه لجريدة “سفيركم” الإلكترونية أن “بعض الناس يعتقدون أن الإحصاء هو تدخل في حياتهم الخاصة، وهذا يجعل من الصعب علينا القيام بواجبنا. لكننا نسعى جاهدين لتوضيح أهمية الإحصاء للمواطنين، وإقناعهم بالتعاون معنا”.

وتجدر الإشارة إلى أن المندوبية السامية للتخطيط كانت قد كشفت أنه لإنجاح الإحصاء العام للسكان لسنة 2024، فقد قامت بتعبئة ما مجموعه 55 ألفا من الموارد البشرية، من بينهم باحثين ومراقبين ومشرفين جماعيين، مبرزة أن حاملي الشهادات والطلبة يشكلون نسبة 60% منهم، وتمثل نسبة نساء ورجال التعليم منهم 32 بالمائة، بينما يشكل موظفو الإدارات والمؤسسات العمومية والعاملون في القطاع الخاص والمتقاعدون من الوظيفة العمومية نسبة 8%.

وجدير بالذكر أيضا أنه على المستوى اللوجيستي، عمدت المندوبية السامية للتخطيط إلى اقتناء ما مجموعه 55 ألف لوحة رقمية، بتمويل مشترك مع وزارة التربية الوطنية، إلى جانب من 55 ألف من مستلزمات الإحصاء، مثل: محفظة، بادج، قبعة، معدات التكوين، وغيرها، وكذا 350 مركزا للتكوين وتخزين اللوحات، و90 مركزا لتخزين المستلزمات، و7 آلاف سيارة وسائق.

تعليقات( 0 )