أثار جواب وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بخصوص تمثيل مغاربة العالم بالبرلمان، انتقادات واسعة لدى الفاعلين في مجال الهجرة.
وكان وزير الداخلية قد قدم تأويل خاصا لما ورد في الدستور بخصوص حق مغاربة الخارج في الترشح والتصويت في الانتخابات، وذلك خلال جوابه على سؤال كتابي بمجلس المستشارين وجهه إليه المستشار خالد السطي. إذ قال الوزير في جوابه إن “المنظومة الانتخابية الوطنية تكفل، وفقا لأحكام الدستور، لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج حق التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة والمشاركة تصويتا وترشيحا في جميع الاستحقاقات الانتخابية المجراة بتراب المملكة، على غرار المواطنات والمواطنين المقيمين بأرض الوطن”.
واعتبر صلاح الدين المانوزي، منسق “المجلس المدني الديمقراطي للهجرة المغربية”، أن وزير الداخلية لم يقدم أي إضافات نوعية تمكن من تنوير الرأي العام عن الدور الذي يمكن أن تقوم به وزارة الداخلية لتجاوز واقع تغييب فعاليات مغاربة الخارج من المشاركة في تدبير الشأن العام و المشاركة السياسية المباشرة”.
وذكر المانوزي، في تصريح لموقع “سفيركم” بأن الفصل 17 من الدستور واضح، فهو يقر بحقوق المواطنة الكاملة لمغاربة الخارج، ويربط تنزيل هذا الفصل بإصدار نصوص قانونية تفصل في جوانب ما زالت عالقة، مثل شروط الأهلية، وحالات التنافي مع ازدواجية الجنسية، وتنظيم الدوائر الانتخابية بالخارج، وطرق مراقبة الحملات الانتخابية بالخارج وسلامة العملية الانتخابية في رمتها”.
وبدوره، اعتبر جمال الدين ريان، رئيس مرصد التواصل والهجرة بأمستردام، أن “المشاركة السياسية للجالية المغربية في بلد الإقامة تُعد من القضايا المهمة التي ترتبط بحقوق المواطنة وتفعيل الديمقراطية”. وقال في تصريح لموقع “سفيركم” إن جواب الوزير لفتيت “يسلط الضوء على الإشكالية التي قد تنشأ بين التصريحات الرسمية وبين التطبيق الفعلي للحقوق المنصوص عليها في الدستور المغربي لعام 2011”.
واعتبر صلاح الدين المانوزي، في نفس التصربح، أن جواب الوزير يعد تأويلا خاطئاً، وقال “ما كنا ننتظره هو الجواب عن الأسئلة التى طرحناها في الندوة الصحفية التي نظمناها يوم 25 أبريل 2025 بمدينة الرباط. والتي تمحورت حول من يعرقل المشاركة السياسية لمغاربة العالم؟ أي معرفة ما هي الإجراءات التي تنوي وزارة الداخلية القيام بها لتجاوز واقع تغييب فعاليات مغاربة العالم من المساهمة الحقيقية والفعلية في بلورة السياسات العمومية ومتابعة تنفيذها و تقييم نتائجها”.
وأضاف المانوزي أن جواب وزير الداخلية “يكرر فقط ما سبق تداوله. ويقزم المشاركة ويحصرها فقط في التسجيل في اللوائح الانتخابية، والتصويت بالوكالة، وحث الأحزاب على تخصيص مواقع متقدمة في اللوائح لمغاربة الخارج مقابل دعم مالي”.
مشيرا إلى أن الإجابة على السؤال الجوهري تظل غائبة، وهو “لماذا تعارض وزارة الداخلية المشاركة السياسية الحقيقية لمغاربة الخارج من خلال دوائر انتخابية في الخارج”.
وبدوره، أوضح جمال الدين ريان أن “التصريحات الرسمية إذا كانت لا تتماشى مع التطبيق الفعلي للحقوق الدستورية، فهذا يضعف الثقة بين الدولة والجالية”، مضيفا أن مثل هذا التناقض “قد يُفسر كإشارة إلى غياب الإرادة السياسية لتحقيق ما ورد في الدستور”. وأشار إلى ضرورة أن تتخذ الحكومة تدابير واضحة وشفافة لتعزيز مشاركة الجالية، مثل توفير آليات التصويت عن بُعد وإدماج ممثلي الجالية في مؤسسات صنع القرار. موضحا أن هذه الخطوات “تعكس الالتزام بمبادئ الديمقراطية وتعزيز الروابط بين الجالية والدولة”.
وحول دور الأحزاب في هذا الإطار، تأسف صلاح الدين المانوزي لغياب الأحزاب السياسية عن صنع القرار الانتخابي. وقال إن هذه الأخيرة “تخلت عن وعودها ورضخت باستمرار، وبشكل انتهازي، لتعليلات وزارة الداخلية”.
وطالب المانوزي، وزارة الداخلية ب”رفع الفيتو على المشاركة السياسية لمغاربة العالم، وأنذاك يمكن أن نعتبر أن المقترحات لن تتحول إلى مضيعة للوقت و هدر للزمن الديمقراطي”.
ومن جانبه، دعا جمال الدين ريان الحكومة إلى تفعيل الآليات الدستورية، عبر تفعيل النصوص الدستورية المتعلقة بمشاركة الجالية في الحياة السياسية، وتسهيل التصويت والترشح من خلال توفير منصات إلكترونية آمنة للتصويت عن بُعد. إضافة إلى تعديل القوانين الانتخابية لتسهيل ترشح ممثلي الجالية.
كما طالب جمال الدين ريان بفتح قنوات حوار مباشرة مع ممثلي الجالية لفهم احتياجاتهم ودمجها في السياسات الوطنية. معتبرا أي تناقض بين التصريحات الرسمية والتطبيق الفعلي “يجب أن يُعالج بخطوات جادة لضمان الالتزام بروح الدستور ومبادئ الديمقراطية”.