انتقد تحالف ربيع الكرامة، الذي يضم عددا من الجمعيات الحقوقية والنسائية، يوم أمس الجمعة 23 ماي الجاري، ما وصفه بـ”الانفراد” الذي طبع منهجية وزارة العدل في مراجعة القانون رقم 23.03 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، محذرا من “الإقصاء الممنهج” لمكونات المجتمع المدني.
وأثار التحالف، في بلاغ رسمي أصدره عقب مصادقة مجلس النواب على المشروع يوم 20 ماي 2025، اطلع عليه موقع “سفيركم” الإلكتروني، جملة من الملاحظات والانتقادات حول الطريقة التي تم بها تمرير مشروع القانون رقم 23.03 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، معتبرا أنه إقصاء لمكونات المجتمع المدني، خصوصا الجمعيات النسائية، من النقاش التشريعي حول واحد من أهم النصوص المؤطرة للعدالة الجنائية بالمغرب.
وأعرب التحالف أيضا عن انتقاده لطريقة إخراج القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الصادر بتاريخ 24 يوليوز 2024، والمنشور في الجريدة الرسمية في 22 غشت من السنة ذاتها، مبرزا أن هذا المشروع لم يرق إلى طموحات حماية حقوق المتقاضين في إطار دولة ديمقراطية، رغم تأكيد وزير العدل أثناء تقديمه أن هذا القانون يشكل “محطة نوعية واستثنائية في مسار تحديث المنظومة الجنائية”.
وسجل التحالف، رفض الوزارة أغلب التعديلات المقدمة على المشروع، حيث تم إسقاط 1380 مقترح تعديل من أصل 1580، مع اعتماد حوالي 200 تعديل فقط، اعتبرها التحالف “بسيطة ولا ترقى إلى معالجة الاختلالات البنيوية التي يعاني منها القانون الحالي”، مشيرا إلى أن اللجنة البرلمانية المعنية صادقت عليه في “بسرعة قياسية لا مبرر لها”.
وانتقد مادتين أساسيتين من القانون، وهما المادتان 3 و7، معتبر أنهما تعكسان توجها نحو تقليص دور المجتمع المدني، ومن ضمنه الجمعيات النسائية، مضيفا أنه “وسع اختصاصات النيابة العامة في مقابل تقليص أدوار الدفاع، وأساسا حضوره للبحث التمهيدي، وأرسى أسس اللاتوازن بين سلطة الاتهام والطرف المتهم ودفاعه، ونزل عن سقف المبادئ التي جاء بها الدستور بخصوص حقوق المتقاضين ومتطلبات المحاكمة العادلة وشروط مناهضة التمييز والعنف بسبب الجنس وحماية النساء الضحايا”.
وقدم “تحالف ربيع الكرامة” مجموعة من المقترحات، أبرزها ضرورة اعتماد مقاربة النوع بشكل عرضاني، عبر التنصيص على مقتضيات قانونية تراعي خصوصيات النساء، وضمان مساطر خاصة لتقديم الشكايات، والبحث التمهيدي في جرائم العنف والتمييز، والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ الأحكام.
كما دعا إلى إلغاء القيود التي تفرضها المادة 7 على الجمعيات، معتبرا إياها “تراجعا عما جاء به الدستور وقانون المسطرة الجنائية”، إلى جانب تعديل المادة 3 التي تمنع المجتمع المدني من اللجوء إلى القضاء لمحاربة الفساد وحماية الأمن العام، وطالب بتقوية حقوق الدفاع عبر التنصيص الصريح على حق المشتبه فيهم في حضور محام منذ لحظة التوقيف، وإشعارهم بحقهم في الاتصال به، وحضوره إلى جانب الضحايا عند تقديم الشكايات.
وأكد التحالف على أهمية تقوية حقوق الدفاع بما يحقق التوازن بين الدفاع وسلطة الاتهام، والنص الصريح بمشروع قانون المسطرة الجنائية على حضور الدفاع إلى جانب المشتبه فيه أمام الشرطة القضائية منذ اللحظة الأولى لإلقاء القبض عليه، وإشعار الموقوف بحقه في الاتصال بدفاعه، والحضور إلى جانب الضحية أثناء تقديم شكايتها والاستماع إليها، مطالبا بإلغاء كل مقتضى من شأنه أن يسمح للنيابة العامة أو الشرطة القضائية بتأجيل حضور الدفاع إلى جانب موكله أو موكلته.
وشدد البلاغ على إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بالإثبات ووسائله وسلطة تقديره، من خلال الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الإثبات وصعوبته في جرائم العنف ضد النساء، ما يقتضي استنفاذ كافة إجراءات البحث والتحقيق للكشف عن حقيقة العنف ومرتكبه (الانتقال، التفتيش، الحجز، الاستماع إلى الشهود والمبلغين، الخبرة، التقاط الصور، وأخذ العينات والبصمات، الطب الشرعي….).، ناهيك عن التعامل بمرونة مع عبء الإثبات، خاصة في جرائم الاعتداءات الجنسية ضد النساء، والتي غالبا ما ترتكب في ظروف مطبوعة بالسرية، ما يصعب معه إثبات الجريمة، وبالتالي الإفلات من العقاب وحرمان الضحية من العدالة الجنائية.
وشملت مطالب التحالف “تقييد سلطة المحكمة في تقدير وسائل الإثبات، وترجيح بعضها على بعض ضمانا لتفريد أمثل للعقاب وتحقيقا للعدالة، ووضع ضوابط دقيقة لتفعيل إجراءات تحقيق الدعوى العمومية (الخبرة، الشهود، البحث التكميلي، المعاينات الانتدابات….) من عدمه”.
ولفت المصدر ذاته إلى أهمية النص على إجراء البحث التمهيدي في ظروف زمان ومكان ضامنة لكرامة النساء وخصوصياتين واحتياجاتهن، ومن قبل مختصات ومختصين في قضايا العنف والتمييز ضد النساء، وتوسيع الحق في المساعدة القضائية للنساء المشتبه فيهن ليشمل المحاكمات في الجنح، وإقرار حق النساء الضحايا في المساعدة القضائية بقوة القانون.