كشف تحقيق إسباني حديث، أجرته صحيفة “ABC” الإسبانية، عن الواقع المأساوي الذي يعيشه آلاف الأطفال القاصرين في شوارع مدينة طنجة، حيث يوجدون في ظروف غير إنسانية، داخل مجاري المياه المهجورة أو بين القبور، تحت وطأة الإدمان والعنف من جهة والاستغلال الجنسي من جهة أخرى
وأوضح التحقيق الذي نشرته صحيفة “ABC” بعنوان “الأطفال غير المرئيين بالمغرب”، أن عددهم يتجاوز في المغرب 30 ألف طفل، يعيش أغلبهم في الشوارع، خاصة في مدن الشمال مثل طنجة، حيث يتحول حلم الهجرة إلى أوروبا إلى كابوس يومي، يزج بهم في عالم يعيشون فيه واقع التشرد والإدمان.
ووثقت الصحيفة الإسبانية من قلب حديقة “مولاي إبراهيم”، مشهدا وصفته بـ”الصادم”، يظهر فيه عدد من الأطفال القاصرين وهم يعيشون داخل مجرى مياه مهجور، مختبئين بين أكوام من القمامة والكرتون، يخرجون فقط لجمع بعض الحاجيات أو للتسول.
وأبرز التحقيق أن بعضهم ما يزال لم يتجاوز بعد سن الـ12، وأن ملامح وجوههم تبدو منهكة، حزينة، وأكبر من سنهم الحقيقي، بسبب ما تحمله حياة الشارع من قساوة، كما رصد الطاقم نوم الأطفال في مقبرة إنجليزية قديمة قرب كاتدرائية طنجة.
وأورد التحقيق تصريح محمد، أحد العاملين في جمعية محلية تنشط في مجال مساعدة الأطفال القاصرين، وكان بدوره يعيش في الشارع سابقا، الذي أكد أن أغلبهم يقعون ضحايا لدائرة مغلقة من الإدمان والتهميش.
وأردف قائلا: “هؤلاء القاصرون يلجأون للغراء (مادة السيليسيون المخدرة) هربا من الواقع، إذ يصبح الغراء هو الهدف الوحيد في يومهم، وتصبح فكرة الخروج من هذه الدائرة شبه مستحيلة، خاصة بالنسبة للصغار الذين تتطور لديهم درجات عالية من الإدمان”.
ووفق التحقيق، فإن عبوة الغراء تُباع في السوق بحوالي 4 دراهم فقط، وهو مبلغ يسهل الحصول عليه من خلال التسول أو حتى بمقايضات أكثر خطورة، كالدعارة القسرية.
وأشار التحقيق أيضا إلى الانتهاكات الجنسية المنتشرة في صفوف الأطفال، الذين يتحول بعضهم إلى ضحايا للاغتصاب أو الاستغلال الجنسي، سواء من طرف مراهقين أكبر سنّا يسيطرون على المجموعات، أو من طرف بالغين يبتزونهم مقابل المال أو المخدرات.
وخلص التحقيق بالإشارة إلى تصريحات جمعية “الفارو”، التي أوضحت أن بعض الأطفال يلجأون إلى ممارسات جنسية قسرية لتوفير ثمن الجرعة التالية، محذرة من أن الوضع في طنجة ينذر بالخطر، وقد يُقارن مستقبلا بما عرفته مدينة بوغوتا الكولومبية في تسعينيات القرن الماضي.


