بقلم: ابتسام مشكور
إذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تُمارَس بها السياسة، ولا يشعر أن هناك أي تأثير إيجابي لها على حياة المواطنين، فماذا بقي للشعب؟ إنه كلام ملك البلاد محمد السادس، في خطابه سنة 2017، بمناسبة عيد العرش، فماذا نقول بعد قوله؟ وما بالكم إن تم تعطيل ما قام بتدشينه؟ قد نفهم أن بعض المشاريع في هذا البلد تُوأَد قبل أن تولد، وأحيانا بجنازة رسمية وتصفيق حار و”الغيطة والطبل والشيخات والمجموعات” ناهيك عن مسرحيات الإنجازات الوهمية، لكن أن نجد مشروعا أعطى انطلاقته الملك لمساعدة النساء ولم ير النور؟ لعمري هذا هو العبث!.
قبل تسع سنوات خلت، وبالضبط سنة 2016، دشن الملك محمد السادس بمصلحة الولادة بالمستشفى الجامعي الأم والطفل عبد الرحيم الهاروشي”، وحدة للمساعدة الطبية على الإنجاب، رصدت للمشروع الإجمالي إمكانيات مادية مهمة أو على الأقل ذاك ما جاء في تصريحات المسؤولين آنذاك، الخبر الذي نزل بردا وسلاما على الأسر محدودة الدخل “الغنية تدبر أمرها في الجارة الإسبانية حيث يسمح القانون حتى بشراء البويضات والحيوانات المنوية من الكاطالوك”وهي تتلهف لسماع دقات قلب جنين وصراخ مولود من صلبها، بعدما أنهكتها تكاليف المختبرات والمحاولات الباهضة في القطاع الخاص، بين تلقيح داخل الرحم (IUI)، وتلقيح اصطناعي (IVF)، وحقن مجهري (ICSI). لكن للأسف، لم يكتمل الحلم وبقي العقم، عنوانا للوحدة التي لم تساعد على ولادة وليد واحد إلى يوم الناس هذا.
يقينا الأمر ليس مجرد تأخير إداري، وإلا لماذا صمت المسؤولون ونحن نسألهم عن مصير وحدة بلا حياة، ولا إحيائيين، ولا تقنيين، ولا أجنة، ولا ضمير مسؤول يهاب الله وولي الأمر. هذا انتهاك لرمزية التدشين الملكي. فمن يسعى إلى جعل الوطن مجرد مسرح حفلات تدشين فاخرة، تُقصُّ فيها الأشرطة وسط بروتوكولات باذخة، ويُصفَّق فيها للإنجازات التي لن تنجز، وتعرض المشاريع كتصورات على “ماكيت” ثم تتبخّر في الواقع وتتلاشى خلف ستائر الوعود؟ من يجهض حلم نساء مغربيات لا يطالبن بالرفاه، ولا بمحاسبة فشل الحكومات الثلاث التي تعاقبت في هذه المدة، ولا مراقبة مؤسسات الدولة، فقط أضناهن وجع البحث عن الأمومة بين اليأس والرجاء، بعدما حالت الظروف دون احتضان أرحامهن لحمل طبيعي، فسلبن حقهن بشكل غير طبيعي.
في مجتمع تتسع قمة هرمه ويتجه نحو الشيخوخة، تُبذلُ النساء كل شيء بحثا عن الخصوبة، ويؤدين الثمن من صحتهن النفسية بسبب عقم السياسات العمومية وآثارها السلبية، من اكتئاب وانفصال أسري يدمرهن. وعلى غرار ذلك، في قطاعات أخرى، مواطنون آخرون يعانون من سلوكيات مماثلة غير مواطنة، بسبب مسؤولين لا يراعون الله في مصلحة الأمة. وفي النهاية، الخاسر الأكبر هو المستهدف الأخير من المشاريع المجهضة، الذي يؤدي الثمن وإن كان بعملات مختلفة!
“كفى، واتقوا الله في وطنكم، إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون”.
انتهى كلام الملك. اتضح الجواب؟ أخبروهم. اللهم فاشهد، اللهم إني قد بلغت.