في لحظة محورية تستحوذ على اهتمام عشاق الكرة عبر العالم، يستعد الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” اليوم الأربعاء عقد مؤتمر افتراضي (عن بعد) تاريخي سيُعلن خلاله رسميًا عن الدول المستضيفة لبطولتي كأس العالم لنسختي 2030 و2034.
وعلى الرغم من أن القرار يتطلب تصويتًا رسميًا من مؤتمر الفيفا، إلا أن النتيجة تبدو محسومة مع غياب المنافسة على الاستضافة لكلتا النسختين.
مونديال 2030: احتفال بقرن على أول بطولة
يتميز مونديال 2030 بترتيب غير مسبوق يمتد عبر ثلاث قارات، احتفالًا بالذكرى المئوية لأول بطولة والتي استضافتها الأوروغواي.
وستبدأ البطولة بمباريات “احتفالات المئوية” الرمزية يومي 8 و9 يونيو 2030، بلقاءات افتتاحية في الأوروغواي، باراغواي، والأرجنتين، قبل أن تنتقل إلى الدول المستضيفة الرئيسة والمتمثلة في المغرب وإسبانيا والبرتغال، حيث ستقام 101 مباراة بدءًا من 13 يونيو حتى المباراة النهائية في 21 يوليوز.
هذا الترتيب الفريد جاء بعد تحولات كبيرة في مسار الترشحات، منها انسحاب بريطانيا لصالح تنظيم يورو 2028، وفشل محاولات كوريا الجنوبية تقديم ملف مشترك مع الصين، اليابان، وكوريا الشمالية.
المغرب: إنجاز تاريخي بعد محاولات عديدة
وبعد خمس محاولات غير ناجحة لاستضافة المونديال على مدى ثلاثة عقود، نجح المغرب أخيرًا في تحقيق هذا الحلم، ليصبح ثاني دولة إفريقية تستضيف البطولة بعد جنوب إفريقيا عام 2010.
ويتجاوز هذا الإنجاز الرياضة، إذ يمثل تتويجًا لرؤية استراتيجية طويلة الأمد حيث برز تقدم المغرب في كرة القدم على المستوى العالمي من خلال نجاح المنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، حيث أصبح أول فريق إفريقي وعربي يصل إلى نصف النهائي.
وتعكس استضافة المغرب كجزء من ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال دوره المتنامي في كرة القدم الإفريقية والعالمية، فقد وقّع الاتحاد المغربي لكرة القدم 44 اتفاقية شراكة مع اتحادات إفريقية.
مشاريع البنية التحتية والرؤية الاقتصادية
ويستعد المغرب لاستضافة المونديال عبر خطة تنموية شاملة، تشمل مشروعات ضخمة لتحسين البنية التحتية، أبرزها ملعب الحسن الثاني قرب الدار البيضاء، الذي يُتوقع أن يكون أكبر ملعب في العالم بسعة 115,000 مقعد، بميزانية تُقدّر بـ 4,8 مليار درهم.
إضافةً إلى ذلك، ستحظى 6 مدن مستضيفة (الرباط، الدار البيضاء، فاس، طنجة، مراكش، وأكادير) بتطوير كبير يشمل توسيع المطارات، تحسين شبكات الطرق، وتعزيز البنية الفندقية.
المباراة النهائية: منافسة بين المغرب وإسبانيا
تدور منافسة حامية بين المغرب وإسبانيا لاستضافة المباراة النهائية ويعوّل المغرب على ملعب الحسن الثاني الجديد، الذي يُخطط ليكون الأكبر عالميًا، بينما تطرح إسبانيا ملعبَي سانتياغو برنابيو وكامب نو.
وتحمل استضافة النهائي في إفريقيا رمزية كبيرة، كونه سيكون الثاني من نوعه على القارة، ما ينسجم مع أهداف الفيفا لتوسيع انتشار اللعبة عالميًا.
مونديال 2034: المملكة العربية السعودية تستحوذ على الاستضافة
وبالنسبة لمونديال 2034، فقد ضمنته المملكة العربية السعودية بعد انسحاب أستراليا وإندونيسيا، وتراجع طموحات الصين الكروية.
المملكة العربية تخطط لمشروع بنية تحتية طموح، يشمل بناء 12 ملعبًا حديثًا بالإضافة إلى تطوير ملعبين قائمين بسعة 40,000 مقعد لكل منهما، استعدادًا للنسخة الموسعة التي تضم 48 فريقًا.
التحديات الحقوقية والبيئية
تواجه بطولتا 2030 و2034 انتقادات من منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية وتحالف الرياضة والحقوق، التي تطالب الفيفا بتوفير حماية شاملة للاعبين، المشجعين، والسكان المحليين، مع التركيز على قضايا العمال والتمييز.
كما أثار التنسيق العابر للقارات لمونديال 2030 قلقًا بيئيًا بسبب البصمة الكربونية الناتجة عن السفر بين القارات، إذ دعا خبراء بيئيون إلى تقليل السفر وتشجيع الحضور المحلي عبر تخصيص حصص إقليمية لتذاكر المباريات واستخدام مناطق للمشجعين في المدن الكبرى.