رغم أن موعد الانتخابات التشريعية لم يحن بعد، إلا أن التسخينات للحملة الانتخابية بدأت مبكرا في المغرب هذه المرة، فحزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة عزيز أخنوش، يسعى إلى مواصلة قيادة الحكومة، ويكثف من تحركاته عبر قافلة “المنجزات” التي تجوب مختلف الجهات والأقاليم، بهدف الترويج لحصيلة عمل حكومة التحالف الثلاثي. في المقابل، تُصعّد المعارضة، وعلى رأسها عبد الإله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية، من لهجتها تجاه أخنوش وحزبه، مستحضرة سلسلة من الإخفاقات والاتهامات، من بينها شبهات تضارب المصالح واستغلال النفوذ الاقتصادي والسياسي.
ويرى مراقبون أن سخونة الحملة الانتخابية بدأت تتصاعد قبل أكثر من عام على موعد الاستحقاقات. فقد بدأت كل من المعارضة والأغلبية في تعبئة طاقاتها وتسليح خطابها استعدادا للمواجهة، وسعيا للظهور في صدارة المشهد السياسي. ويراهن حزب التجمع الوطني للأحرار، ومعه باقي أحزاب التحالف الحكومي – ولو بدرجات متفاوتة – على تسويق عدد من الأوراق القوية، من بينها برامج الدعم الاجتماعي المباشر، وتوسيع التغطية الصحية، وإنعاش الاقتصاد بعد أزمة جائحة كورونا، بهدف كسب تأييد الفئات الشعبية، والطبقة الوسطى، والأعيان من أصحاب الرساميل والنفوذ.
وفي الجهة المقابلة تستدعي المعارضة، مشاكل الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية، واستمرار ارتفاع المحروقات رغم انخفاضها دوليا، وتضارب المصالح وتفويت الصفقات، حسب القرب السياسي والعائلي وتفريق الدعم المالي للمقاولات، لأسباب سياسية وانتخابية، وهزالة العرض السياسي وانحدار النقاش العمومي لدى أطر الأغلبية ومسؤوليها، لتعتبر أن فرص استمرارها في تصدر المشهد الانتخابي بعد انتخابات 2026 معدومة.
العباس الوردي: ما تسوقه أحزاب التحالف الحكومي مشاريع ومبادرات ملكية
في هذا السياق قال العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، “إن ما تسوقه الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، من مشاريع وإنجازات كلها مبادرات ملكية، لا دخل للحكومة فيها، وليست إبداعا حكوميا أو من طرف الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة”.
وأضاف الوردي في تصريح أدلى به لموقع “سفيركم” أن “برامج الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية، مبادرات ملكية في صلبها، وهي رغبة ملكية في تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفوارق الاجتماعية، ولا يحق للحكومة ورئيسها عزيز أخنوش، أن ينسبها للحكومة وللحزب في المنجزات الحكومية”.
وشدد أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، في كلية الحقوق أكدال بالرباط، على” أن الحكومة فشلت في كثير من الرهانات، بما في ذلك تقديم بدائل اقتصادية ناجعة، للحد من الفوراق الاجتماعية، وإنشاء مناصب الشغل الكافية، وكذا في محاربة غلاء الأسعار والمواد الأساسية”، مشيرا إلى “عدم اتخاد الحكومة قرارا بتخفيض أثمنة المحروقات رغم تراجعها على المستوى الدولي إلى ما دون 60 دولارا”.
وخلص المحلل السياسي، إلى “أنه من الطبيعي أن يكون هنالك تصويت عقابي ضد حزب التجمع الوطني للأحرار، وهذا أمر يحصل للكثير من الأحزاب التي قادت التجارب الحكومية في العالم مؤخرا، كألمانيا وبريطانيا وإسبانيا”، مستبعدا في الوقت ذاته “عودة حزب العدالة والتنمية لتصدر نتائج الانتخابات المقبلة”، لافتا إلى أنه “من الممكن أن يتحصل حزب الاستقلال ذو الرصيد التاريخي العريق على المرتبة الأولى”.
عصام العروسي: الأحرار كما البيجيدي لن يتصدرو الانتخابات المقبلة
شدد الأكاديمي والمحلل السياسي عصام العروسي، على أن “عودة حزب العدالة والتنمية إلى تصدر المشهد الانتخابي والسياسي، في الانتخابات المقبلة، أمر غير وارد الحدوث”، معتبرا أن “بنكيران يساهم من خلال خطابه الشعبوي خدش كل المنجزات”، ما سيؤدي حسب العروسي إلى “المس بسياسية الدولة، وتقسيم الشعب المغربي إلى فئتين متعارضتين”.
وأضاف العروسي في تصريح أدلى به لموقع “سفيركم” أن “المشهد السياسي متشردم وغير واضح المعالم، على اعتبار أن الأغلبية الحكومية الآن، لم تستطع تحقيق العديد من البرامج الأساسية للمواطن، لأنها مرت في مراحل أزمة كورونا والتقشف، إضافة إلى سوء تدبير بعض القطاعات، ما أدى إلى ارتفاع و غلاء المعيشة بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب”.
واعتبر المحلل السياسي أن “هذه الحكومة تكاد تكون أكثر الحكومات، زيادة في الأسعار في تاريخ المغرب، فبدل محاولة تقويم المشهد الاقتصادي والاجتماعي، وتقديم بدائل اقتصادية مبدعة، ومسايرة الإرداة الملكية، من خلال المشروع التنموي، ومن خلال العديد من المشاريع، التي أراد من خلالها الملك تحقيق العدالة الاجتماعية كالتغطية الصحية وغيرها، فشلت الحكومة في كل هذه الرهانات”.
ولفت المتحدث إلى أن هناك سرديتين، “الأولى لأحزاب الأغلبية تقول أنها لها إنجازات كبيرة، ومشاريع للمغاربة، غير أن هذه المشاريع كلها مبادرات ملكية، كان أخرها القرار الملكي بعدم نحر أضحية العيد لهذه السنة، بسبب الظروف الاقتصادية التي انعكست بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمواطنين، ما يبين على أن السياسات القطاعية موضع تساؤل”.
أما السردية الثانية فهي للمعارضة، فيعتبرها العروسي “سردية باهتة، ولم تمارس دورها التشريعي الجاد، في مساءلة الحكومة”، مسجلا “غياب تفعيل آليات الرقابة والمساءلة، وغيرها من الآليات الدستورية، ولم يتم اعمالها في الدورات التشريعية وكانت المعارضة باهتة جدا”.
وختم العروسي بالقول أنه من “الممكن أن تعود بعض الآحزاب، من بوابة المعارضة والنقد، كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، نظرا لرصيده التاريخي، إضافة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أما فيما يتعلق بعودة العدالة والتنمية، فهو أمر صعب معتبرا عودة بنكيران بمتابة انتقام من تيار الاستوزار في حزبه، ونتيجة لعدم تحقيق الديمقراطية الداخلية”.