أقدمت الجزائر على خطوة مثيرة للتساؤلات، تتعلق بتغيير سفيرها لدى موريتانيا، بإعلانها عن تعيين عبد الرحمن سايد سفيرا جديدًا في نواكشوط، خلفا لمحمد بن عتو الذي ظل في المنصب منذ 2021.
وتأتي هذه الخطوة في غير الوقت المعتاد لتغيير السفراء في الجزائر، كما أنها تأتي بعد أيام من الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى المملكة المغربية، ولقائه بالملك محمد السادس في الدار البيضاء.
وشكَّلت زيارة ولد الغزواني إلى المغرب فرصة للتأكيد على الشراكة الثنائية بين البلدين في العديد من المشاريع المهمة، من أبرزها مبادرة المنفذ الأطلسي التي أعلن عنها المغرب، وهي المبادرة التي لا تنظر إليها الجزائر بعين الرضا، لما ترى فيها من توسع للنفوذ المغربي في منطقة الساحل التي تُعتبر منطقة حيوية بالنسبة للجزائر.
وسعت الجزائر منذ فترة طويلة إلى جر موريتانيا إلى “محورها” وإبعادها عن إمكانية الانضمام إلى المغرب في أي “تحالفات” سياسية أو اقتصادية، وكانت من أبرز محاولاتها استقطاب موريتانيا لتأسيس تكتل مغاربي يكون بديلاً لاتحاد المغرب العربي دون المملكة المغربية، إلا أن هذا المسعى فشل، وقررت موريتانيا البقاء على الحياد الإيجابي.
ووفقا للعديد من القراءات السياسية، فإن زيارة ولد الغزواني إلى المغرب ولقائه بالملك محمد السادس، أكدت على أن نواكشوط تتجه نحو تمتين شراكاتها مع المغرب، والدخول في علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع الرباط، وبالتالي تكون موريتانيا جزءًا من المشاريع المغربية الكبرى في القارة، مثل مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، ومشروع المبادرة الأطلسية.
هذا “الميل” الموريتاني نحو المغرب، يُرتقب أن يكون له ردود فعل من طرف الجزائر، في إطار مساعيها الدائمة لكبح التوسع المغربي داخل القارة الإفريقية، وقد تكون خطوة تغيير السفير لدى نواكشوط جزءًا من هذه المساعي الجزائرية، بالرغم من التساؤلات التي لا تزال مطروحة دون إجابة.
هذا وسبق أن أشارت العديد من التقارير الدولية إلى أن موريتانيا تنهج سياسة “الحياد الإيجابي” في علاقاتها مع المغرب والجزائر منذ عقود بسبب نزاع الصحراء، لكنها في الوقت نفسه أكدت على أن هذا النهج السياسي من المتوقع أن يواجه اختبارًا حقيقيًا في الفترة المقبلة، في ظل تزايد التنافس الجزائري المغربي في قضية الصحراء.
وتُشير التطورات الأخيرة إلى أن موريتانيا بدأت تنحاز تدريجيًا نحو بناء علاقات قوية مع المغرب، ولا سيما في ظل سياستها الرامية إلى بناء علاقات تحالف قوية مع دول الغرب، مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الدول كلها اتخذت مواقف لصالح المغرب في قضية الصحراء.