طالب تقرير حديث، واشنطن باتخاذ موقف حازم تجاه جبهة البوليساريو التي تمثل تهديدا لأمن واستقرار شمال إفريقيا، مبرزا أنها مدعمة من قوى إقليمية مثل إيران وروسيا، ومتصلة بشبكات الجريمة العابرة للحدود، كما أنها تمول الإرهاب في منطقة الساحل.
وأوضح هذا التقرير المعنون بـ “لماذا يجب على أمريكا مواجهة وكيل الإرهاب: جبهة البوليساريو”، المنشور في مجلة “Daily Signal” الأمريكية، أن الجبهة تعتمد على دعم عسكري إيراني مباشر، وعلى شبكات تهريب وجماعات متطرفة لتمويل أنشطتها، مشيرا إلى أن عدم تفاعل الولايات المتحدة مع هذا التهديد قد يؤدي إلى نتائج كارثية على أمن البحر الأبيض المتوسط واستقرار منطقة الساحل والصحراء.
ورصد التقرير تحركات الجبهة منذ انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تشرف عليه الأمم المتحدة سنة 2020، مؤكدا أن قادتها أعلنوا المنطقة “منطقة حرب”، وهددوا بشكل مباشر القنصليات الأجنبية والشركات الدولية والطيران المدني، ما يعكس اعتمادها لنهج معاد للشرعية الدولية.
وأكد التقرير أن إيران بدأت منذ سنوات في تقديم الدعم العسكري والتقني للبوليساريو، حيث كشفت تقارير استخباراتية وصور منشورة على وسائل إعلام تابعة للجبهة عن استخدام طائرات بدون طيار إيرانية الصنع، كما أظهرت اتصالات مشفرة بين قيادات من الجبهة وحزب الله، تنسيقا وتعاونا عملياتيا بين الطرفين.
وأشار التقرير إلى أن الجزائر توفر ملاذا آمنا للجبهة، حيث تتمركز وحداتها القتالية ومقراتها القيادية في مخيمات تندوف، ويسمح هذا الوضع للجبهة بتخزين الأسلحة وتدريب المقاتلين وتوسيع شبكات الدعم الخارجي بعيدا عن الرقابة الدولية، وبدون تدخل من القوات المغربية.
وحذر التقرير من اتساع النفوذ الروسي في هذا الملف، مشيرا إلى علاقات متنامية بين البوليساريو وشخصيات مرتبطة بجهاز الاستخبارات الروسية، وظهور ممثلين للجبهة في مؤتمرات مدعومة من الكرملين منذ عام 2015، مضيفا أنه رُصدت تحركات لمجموعات “فاغنر” في نفس الممرات الصحراوية التي تسيطر عليها شبكات تهريب مرتبطة بالجبهة، ما قد يوفر قناة لوجستية غير مباشرة بين موسكو وتندوف.
وأكد التقرير أن الجبهة لعبت دورا محوريا في اقتصاد الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل، إذ تتولى عناصرها نقل المخدرات من المغرب نحو الشرق، وتجارة السلاح القادمة من ليبيا، وفرض ضرائب على طرق التهريب، ما يضمن تدفق الأموال إلى جماعات إرهابية مثل “القاعدة”.
وذكر التقرير أن عدنان أبو الوليد الصحراوي، مؤسس تنظيم “داعش في الصحراء الكبرى”، تلقى تدريبه في صفوف البوليساريو قبل أن يتحول إلى أحد أخطر المطلوبين في إفريقيا، ما يؤكد تحول جزء من الجبهة إلى منصة لتغذية الإرهاب وتوفير الموارد البشرية له.
ولفت التقرير إلى أن الجبهة كانت قد هددت في سنة 2021 شركات إسبانية وأمريكية بالانسحاب من الصحراء، وتعهدت بتحويل المنطقة إلى “نار وحرب”، وفي أبريل 2025 توعد مسؤولو الجبهة باستهداف المستثمرين والسياح، مؤكدين أنهم “لن يتم اعتبارهم مدنيين أبرياء بعد الآن”.
وربط التقرير بين تهديدات إيران المتكررة للملاحة في البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق، وبين تصاعد أنشطة حلفائها في الصحراء المغربية، معتبرا أن السماح بتعزيز وجود وكلاء طهران يشكل خطرا مباشرا على الأمن الإقليمي والدولي.
ودعا التقرير واشنطن إلى تصنيف جبهة البوليساريو ضمن لائحة “المنظمات الإرهابية” على المستوى العالمي، بموجب القرار التنفيذي رقم 13224، ما يتيح تجميد أصولها، ومنع تمويلها، وفرض قيود على تحركات أعضائها، وذلك في إطار سياسة استباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية الناشئة.
وخلص التقرير بالتأكيد على أن تجاهل واشنطن لتهديد الجبهة عام 1988، حين أسقطت صواريخها طائرتين أمريكيتين وقتلت خمسة مواطنين أمريكيين، كان خطأ استراتيجيا لا يجب تكراره اليوم، إذ قد يُكلف الأرواح والموارد، مطالبا الإدارة الأمريكية باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لوقف تمدد هذا الخطر.