تقرير: أوروبا تجني على نفسها بتجاهلها للهجرة غير النظامية

قالت صحيفة أوروبية في تقرير لها، إن أوروبا تجني على نفسها جراء تجاهلها للهجرة غير النظامية، مبرزة أن الحملات المعارضة للهجرة التي تقودها الأحزاب اليمينية المتطرفة في الاتحاد، تعزز من مخاوف المواطنين من المهاجرين بشكل يهدد وحدة هذا التكتل.

وأوضح تقرير صحيفة “Modern Diplomacy” للكاتب جايلز ميريت، أنه عندما ينظر المؤرخون إلى الأحداث التي أعادت تشكيل أوروبا، قد يختارون عامي 2015 و2016 كنقطتي تحول محورية، بسبب تصاعد أزمة الهجرة التي بدأت بتمزيق وحدة القارة الأوروبية، مضيفا أن الأحزاب اليمينية المتطرفة قد نجحت بالفعل في إثارة قلق الناخبين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وتشكل الآن كتلة مناهضة للهجرة تهدد كيان الاتحاد ذاته.

وأكد المصدر ذاته على أن حكومات الاتحاد الأوروبي قد فشلت في إقناع مواطنيها بأن مصلحتهم الاقتصادية تكمن في تجديد القوى العاملة الأوروبية عبر الهجرة، وأن هذا الهدف يتفوق على المخاوف الاجتماعية الحقيقية أو المتصورة، مبرزا أن نتيجة هذا الفشل تمثلت في صعود تكتلات اليمين المتطرف داخل البرلمان الأوروبي، التي تهدد بتعطيل وتشويه عملية التشريع داخل الاتحاد.

ولفت تقرير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تسعى فيه حكومات الاتحاد الأوروبي إلى احتواء المتطرفين من خلال وضع “أحزمة أمان” سياسية، يبدو أن تجاهل حقيقة احتياج أوروبا إلى المهاجرين لا يمكن أن يستمر، مشيرا إلى أنه من واجب الحكومات الأوروبية بما في ذلك المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، أن تواجه تكلفة التحامل على المهاجرين، وتدحض المفاهيم المغلوطة حول الهجرة.

وأضافت الصحيفة أن القارة العجوز تحتاج إلى المزيد من المهاجرين وليس العكس، واصفة ما يتم تداوله بخصوص ارتفاع الهجرة غير النظامية بـ “الخرافة”، مؤكدة استقرار عدد المهاجرين غير النظاميين منذ نحو عشرين سنة.

وذكر نفس المصدر أنه في ظل الضغط الشعبي الكبير، اتجهت معظم الحكومات الأوروبية إلى إرضاء المشاعر المعادية للهجرة، خاصة وأن الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، يهدف إلى وضع المزيد من الحواجز لصد المهاجرين وتشديد القواعد المفروضة على طالبي اللجوء، مردفا أنه على الرغم من اتخاذ كل هذه الإجراءات، إلا أن موقف المتطرفين لم يضعف، حيث اعتبروا هذه التدابير غير كافية، وحققوا انتصارات انتخابية متتالية.

وقال جايلز ميريت في تقريره، إن محاولات إرضاء التيارات اليمينية المتطرفة تاريخيا، قد أثبتت فشلها، ومع تراجع أعداد الشباب في المجتمع الأوروبي وتقلص القوى العاملة، أصبحت الحاجة إلى المهاجرين أكثر من أي وقت مضى، متوقعا أن يتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي بحوالي 80 مليون شخص بحلول سنة 2100، في مقابل ارتفاع عدد كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية صحية باهظة التكلفة.

وذكرت الصحيفة أن الدول الأوروبية تواجه نقصا كبيرا في اليد العاملة، حيث يعاني ثلاثة أرباع الشركات الأوروبية من نقص في الموارد البشرية المتمتعة بالمهارات المطلوبة، ما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي، مستطردة أن الإجراءات المتفرقة التي تعتمدها دول الاتحاد الأوروبي في معالجة قضايا الهجرة، جعلت كل دولة عرضة لضغوطها السياسية الداخلية، ما زاد الوضع تعقيدا.

وخلص التقرير بالقول: “إذا تبنّت أوروبا سياسة موحدة في إدارة قضية الهجرة، يمكن أن تبعث برسالة مفادها أن استقطاب وتدريب المهاجرين الجدد ليس عبئا بل هو استثمار حيوي واستراتيجي. إلا أن تجاهل هذه الحقيقة قد يكون خطأ تاريخي قد تدفع القارة العجوز ثمنه غاليا في المستقبل”.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)