كشف تقرير حديث أن المغرب، الذي يحظى بنفوذ إقليمي وازن، بفضل سياسته الديبلوماسية والاقتصادية، يعد الشريك المثالي المحتمل لبريطانيا، نظرا لاستقراره السياسي ورؤيته التنموية، ونهجه سياسة مماثلة لـ “بريطانيا العالمية”، الرامية إلى توسيع نفوذها التجاري والدبلوماسي خارج أوروبا.
وأوضح تقرير نشره موقع “International Business Time” البريطاني، أن النفوذ الإقليمي للمملكة المغربية وتمسكها بمواقفها الثابتة، فيما يخص القضايا الإقليمية الحساسة، جعلها ترفض مؤخرا، المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين.
وأضاف التقرير ذاته أن المغرب يواصل تعزيز حضوره في القارة الإفريقية، حيث تدعم المملكة ترشيح الإعلامية والدبلوماسية المغربية لطيفة أخرباش لمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي، وهو ما يعكس طموح الرباط لتعزيز دورها في صنع القرار داخل المنظمة القارية.
وذكر نفس المصدر، أن هذه الخطوة تترجم رغبة المغرب في تعزيز دوره القيادي داخل القارة، في وقت تسعى فيه المملكة المتحدة إلى إعادة صياغة تحالفاتها، وتوسيع شراكاتها خارج الاتحاد الأوروبي، بعد “البريكست”، ما يجعل المغرب الشريك المثالي المحتمل في سياستها الجديدة.
ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس كرسي العرش في سنة 1999، تبنى المغرب إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة عززت استقراره ونموه المستدام، وبحسب صندوق النقد الدولي، فقد حقق الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 3.2% خلال سنة 2024، وتوقع أن يصل إلى 3.9% في سنة 2025، ما يجعله من أقوى الاقتصادات في منطقة شمال غرب إفريقيا.
ولفت التقرير إلى أن هذا النمو يعتمد على قاعدة صناعية متينة، وخاصة في قطاعي السيارات والطيران، مبرزا أن ميناء طنجة المتوسط، الذي تخطى حاجز مناولة 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024، يعتبر نقطة عبور استراتيجية تربط المغرب بالأسواق الأوروبية والشرق الأوسط.
وأضاف أن منطقة “ميدبارك” الصناعية في الدار البيضاء، تحتضن شركات عالمية متخصصة في مجال صناعة الطائرات، مثل “سافران”، ما يعزز جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية ذات القيمة العالية.
وأردف التقرير أن قطاع السياحة يعد عنصرا أساسيا في الاقتصاد المغربي، حيث استقطبت المملكة أكثر من 17 مليون زائر في عام 2024، وفقا للمرصد المغربي للسياحة، متوقعا أن تساهم مناسبة تنظيم كأس العالم 2030، الذي سيستضيفه المغرب بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، في الدفع بهذا القطاع نحو الأمام.
وأضاف أن الحكومة المغربية رصدت أكثر من 5 مليارات دولار، للاستثمار في تطوير البنية التحتية الرياضية، وتحسين شبكات النقل وتوسيع المنشآت الفندقية، ما من شأنه أن يعزز مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية.
وتراهن الحكومة المغربية، في ظل مساهمة السياحة بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، على البطولة العالمية لدعم الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كورونا، وتعزيز جاذبية المغرب كوجهة سياحية عالمية على المدى البعيد.
واستطرد التقرير أن الديناميكية الاقتصادية والدبلوماسية للمغرب تتماشى مع سياسة “بريطانيا العالمية”، التي أعلنت عنها الحكومة البريطانية في سنة 2021، والتي تهدف إلى توسيع نفوذها التجاري والدبلوماسي خارج أوروبا، مع التركيز على إفريقيا كسوق واعدة.
واعتبر نفس المصدر المغرب شريكا مثاليا للمملكة المتحدة، بفضل استقراره السياسي ورؤيته التنموية، خاصة في ظل سعي مجموعة من الشركات البريطانية إلى تنويع سلاسل التوريد والوصول إلى أسواق جديدة.
ووسعت البنوك المغربية، نطاق اشتغالها، خلال العقد الماضي، ليشمل غرب ووسط إفريقيا، ما يعكس استراتيجية المملكة في تعزيز التعاون الإقليمي عبر الاستثمار والمشاريع التنموية.
وأبرزت أن المغرب يواصل تعزيز حضوره داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، مستفيدة من علاقاته القوية مع أوروبا والشرق الأوسط والدول الإفريقية، وذلك رغم المنافسة والتوترات المستمرة مع الجزائر.
وأكد التقرير أن المغرب يلعب دورا محوريا في استقرار إفريقيا، ولا سيما في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تتفاقم الأزمات الأمنية بسبب الانقلابات العسكرية والتهديدات الإرهابية، بفضل دعمه للحكومات المحلية، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتقديم المساعدات الأمنية والتنموية.
وشدد هذا المصدر على أن هذه الجهود تجذب اهتمام القوى الغربية، وعلى رأسها المملكة المتحدة، التي ترمي إلى تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب وكذا دعم الاستقرار في القارة الإفريقية.
وشدد التقرير أنه على الرغم من الانتقادات التي تُوجَّه للمغرب بخصوص مواقفه الحذرة من بعض القضايا، إلا أن سياسته الخارجية الواضحة التي تستند على الانفتاح الاقتصادي والتعاون الدولي، تجعله الشريك الأمثل لبريطانيا، مرجحا أن تكون هذه الشراكة فرصة استراتيجية لكلا البلدين، خاصة وأن الرباط تواصل تعزيز مكانتها كمركز تجاري واستثماري محوري في شمال وغرب إفريقيا.