كشف تقرير حديث أن المغرب يسير بخطى ثابتة في مسار تعزيز ريادته الإقليمية، بعدما أصبح يلعب دورا محوريا في الساحة الاقتصادية العالمية، مؤكدا أن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة وظفر ترامب بولاية ثانية وما ترتب عن ذلك من سياسات تجارية مشددة حتى من الجانب الأوروبي، يجعل المغرب “ساحة معركة” في قلب حرب تجارية عالمية.
وأوضح تقرير نشره الموقع الإلكتروني لـ”Chatham House“، أن المغرب يمثل حلقة وصل استراتيجية بين الأسواق الغربية وصانعي السيارات الكهربائية في الصين، وهو ما يعكس أهمية البلاد في السياسة الصينية بهذا القطاع، مضيفا أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الأخيرة للمغرب، بعد قمة مجموعة العشرين بالبرازيل، تشير إلى أهمية المغرب بالنسبة للصين في الحفاظ على موقعها في هذه الصناعة، في ظل مشهد اقتصادي عالمي مضطرب.
وواصل المصدر ذاته أن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة المغربية، تشير إلى تحول المغرب إلى ساحة معركة في حرب تجارية كبرى بين القوى العالمية، لاسيما وأن الصين تواجه تحديات متزايدة بسبب السياسات الحمائية المفروضة عليها من قبل أوروبا والولايات المتحدة، والتي تسعى إلى حماية صناعاتها المحلية وتقليل الاعتماد على الصين.
وأبرز التقرير أن صادرات السيارات الكهربائية الصينية تواجه تحديات متزايدة بسبب التدابير الحمائية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تسعى السياسات الأوروبية، مثل “الصفقة الخضراء” و”الاستقلال الاستراتيجي المفتوح”، إلى تقليل الاعتماد على الصين في سلاسل التوريد الصناعية، بينما يهدف قانون خفض التضخم الأمريكي إلى تشجيع الشراكات مع الدول الصديقة وتقويض الهيمنة الصينية على الصناعات الخضراء.
وذكر المصدر نفسه أنه على الرغم من ارتفاع نسبة الصادرات الصينية من السيارات الكهربائية بـ 77.6% في سنة 2023 لتصل إلى 1.2 مليون سيارة، إلا أن أوروبا والولايات المتحدة قامتا بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية، ما يهددها بتقليل أرباح المصدرين الصينيين ورفع الأسعار للمستهلكين الغربيين.
وأكد التقرير أن المغرب يعد وجهة استثمارية مهمة وخيارا مثاليا للشركات الصينية الباحثة عن بدائل للتصنيع خارج حدودها، لا سيما في ظل القيود المفروضة عليها، بفضل موقعه الجغرافي وقربه من الأسواق الأوروبية والإفريقية والأمريكية، بالإضافة إلى امتلاكه نسبة 72% من احتياطي الفوسفاط العالمي، الذي يعتبر مكونا أساسيا في بطاريات السيارات الكهربائية، إلى جانب إمكانياته اللوجستية والاقتصادية.
واستطرد المصدر ذاته أن المغرب يتمتع باتفاقيات تجارية حرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى عضويته في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، ما يعزز جاذبيته للاستثمارات الصينية.
ولفت التقرير إلى أن الصين تقود استثمارات ضخمة في المغرب، ففي يونيو 2023، وقع المغرب اتفاقية شراكة مع شركة “غوشن هاي-تيك” الصينية من أجل إنشاء مصنع ضخم لبطاريات السيارات الكهربائية بقيمة 6.4 مليارات دولار بالقرب من العاصمة الرباط، كما فازت شركة “كوفيك” الصينية بصفقة لتطوير خطوط السكك الحديدية ضمن مشروع القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش.
ومن جانبه، يهدف المغرب، بحسب التقرير، إلى استقطاب الدعم الصيني لمشاريع استراتيجية مثل خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، المتوقع أن يدخل مرحلة التنفيذ الأولية في عام 2025.
ولفت المصدر ذاته إلى الإشارة إلى أن ما يمكن أن يجعل من المغرب ساحة معركة في حرب تجارية عالمية، هو طبيعة التحديات التي يمكن أن يواجهها جراء توتر العلاقات الصينية الغربية، ففي الوقت الذي تسعى فيه الصين جاهدة إلى تعزيز استثماراتها في المملكة، قد تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجراءات صارمة ضد الاستثمارات الصينية في دول ثالثة، بما فيها المغرب، ما قد يؤثر على تدفق الاستثمارات الأجنبية.