كشف تقرير حديث كتبه أمين الغوليدي، الباحث في الجغرافيا السياسية والأمنية بجامعة “كينغز كوليدج” البريطانية، أن مقترح الحكم الذاتي الذي كانت قدمته المملكة المغربية لحل نزاع الصحراء، يعد “مسارا حقيقيا” للمضي قدما في تحقيق السلام والاستقرار، و”ليس مجرد صيغة دبلوماسية شكلية”، داعيا إلى أهمية دعم هذا المقترح الذي يحظى بتأييد دولي، من أجل إنهاء هذا النواع الذي تعود جذوره إلى سنة 1975.
وأوضح هذا التقرير الذي نشره الموقع الرسمي لمجلة الدفاع والأمن الوطني الأمريكية “19Forty Five“، أن نزاع الصحراء المغربية قد وصل إلى مرحلة تتطلب تدخلا دوليا حاسما، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، مؤكدا أن المقترح المغربي، الذي نال الدعم الأمريكي في إدارة ترامب عبر الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء في إطار اتفاقيات أبراهام، يُعد فرصة استراتيجية للولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار الإقليمي وتوسيع نفوذها فيه، ما من شأنه أن يساهم في تعزيز دورها في مختلف مناطق النزاع بالعالم.
وأبرز التقرير الإجماع غير المسبوق على دعم مغربية الصحراء ومساندة مقترح الحكم الذاتي المغربي، من قبل دول تتمتع بنفوذ قوي في العالم، مثل: فرنسا وإسبانيا، اللتان تدعمان هذا المقترح باعتباره حلا عمليا، مضيفا أنه في حال تم استثمار هذه المواقف فإنه من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى حل نهائي للنزاع ويفتح الباب أمام مبادرات تنموية واسعة في المنطقة.
ولفت المصدر ذاته إلى أهمية إشراك الجزائر، باعتبارها فاعلا رئيسا في هذا النزاع، إلى جانب الضغط عليها لتبني مواقف بناءة وأكثر مسؤولية عوض تصعيد التوتر، ولا سيما في ظل التصعيد الأخير ضد المغرب، داعيا إياها إلى الانخراط في جهود تحقيق السلام وتخفيف التوترات، في مقابل حوافز اقتصادية وأمنية.
وذكر هذا التقرير أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يُعد الحل الأكثر واقعية لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، معتبرا أن الدعم الفرنسي والإسباني لهذا المقترح، إلى جانب إمكانية انضمام موريتانيا لهذه الدول، يعتبر فرصة ذهبية لتحقيق السلام، واصفا إياه بأنه “ليس مجرد صيغة دبلوماسية بل مشروع تنموي حقيقي”.
وأبرز التقرير الإمكانات الاقتصادية الكبيرة التي يختزنها إقليم الصحراء المغربية، ناهيك عن موقعه الاستراتيجي المهم للتجارة البحرية ومشاريع الطاقة، مشيرا إلى مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر المغرب، باعتباره إحدى المبادرات الكبرى التي يمكن أن تعزز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتدعم التنمية في المنطقة.
واستطرد التقرير أن تسوية نزاع الصحراء المغربية يخدم ثلاثة مصالح استراتيجية أمريكية رئيسة، ويتعلق الأمر بالدرجة الأولى بمنع توسع النفوذ الصيني في المنطقة، وتعزيز قدرة الولايات المتحدة على التأثير في النزاعات الإقليمية، وكذا تمتين العلاقات مع شركاء موثوقين مثل المغرب، بالإضافة إلى خلق تحالفات استراتيجية جديدة.
وخلص التقرير إلى الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية أمام فرصة ذهبية لإنهاء نزاع الصحراء المغربية، من خلال دعم مقترح الحكم الذاتي، مضيفا أن الإسراع في حسم هذا الملف سيحول دون استغلال قوى منافسة، مثل الصين وروسيا، لأوضاع المنطقة، إضافة إلى أنه سيساهم في تعزيز الاستقرار والتعاون الإقليمي بين دول البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا جنوب الصحراء.