تقرير دولي جديد يرصد المسار التنموي للمغرب في عهد الملك محمد السادس

سلط تقرير دولي حديث الضوء على المسار التنموي الذي قطعه المغرب، والإنجازات الكبيرة التي حققها منذ تولي الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية في سنة 1999.

وأوضح هذا التقرير الذي نزله الموقع الرسمي لمؤسسة “Carnegie“، وهي مؤسسة أمريكية خاصة غير ربحية مكرسة لتعزيز التعاون بين الدول، أن المغرب شهد خلال العقدين الماضيين، تحولات اقتصادية كبيرة تحت قيادة الملك محمد السادس، الذي سار بها على طريق الحداثة والعصرنة الشاملة.

وأبرز التقرير أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة التي واجهها المغرب، إلا أنه أظهر قدرة ملحوظة على التكيف مع هذه المتغيرات، خاصة في ظل أزمات عالمية، مثل: جائحة كورونا والجفاف، التي زادت من حدة الفقر والبطالة، مبرزا أن المملكة تشهد تقدما ملحوظا في مجالات متعددة، جعلتها نموذجا رائدا للتحول في شمال إفريقيا.

القيادة الملكية.. رؤية طويلة الأمد نحو التحول الاقتصادي

أشار التقرير إلى أنه منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في عام 1999، تمحورت رؤية المغرب حول التحديث الاقتصادي والاجتماعي، فرغم التحديات الكبيرة التي واجهها البلد، من بينها تدني مؤشر التنمية البشرية في بداية الألفية، إلا أن المملكة قد تمكنت من تحقيق إنجازات لافتة، حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن الفترة الممتدة بين عامي 1998 و 2023، قد عرفت ارتفاعا في متوسط العمر المتوقع من تسع سنوات، إلى حوالي خمسة وسبعين عاما.

كما شهد نصيب الفرد من الدخل خلال هذه الفترة ارتفاعا كبيرا، وتضاعف متوسط سنوات التعليم بشكل ملحوظ، حيث انتقل من 8.1 إلى 14، إلى جانب معدل الفقر، الذي انخفض بشكل كبير، من 15.3٪ في عام 2001 إلى 1.7٪ في عام 2019.

وواصل التقرير أن هذا التقدم كان أكثر وضوحا في المناطق الريفية، حيث أصبحت الكهرباء والمياه متاحة لجميع الأسر، في مقابل نصفهم فقط في عام 2000 ومع ذلك، كشفت جائحة كورونا عن تحديات جديدة، مع ارتفاع نسب الفقر والبطالة في العديد من المناطق.

تعزيز مكانة المغرب في سلاسل القيمة العالمية

أوضح التقرير أنه خلال السنوات الماضية، تبنت الحكومات المتعاقبة على قيادة المغرب، سياسة تعتمد على رؤية طويلة الأمد، فبفضل الاستثمار في البنية التحتية مثل ميناء طنجة المتوسط، وعملها على تطوير شبكة الطرق السريعة والسكك الحديدية من أجل أن تلبي المعايير الدولية، استطاعت المملكة إدراج نفسها في سلاسل القيمة العالمية، ما أهلها لجذب استثمارات أجنبية مباشرة وإنشاء صناعة تعتمد على التصدير.

ومنذ عام 2006، واجه المغرب عدة صدمات خارجية، مثل الأزمة المالية العالمية وارتفاع أسعار الطاقة، وتفاعلا مع ذلك، أطلق المغرب خطة صناعية تعتمد على التصدير، مثل خطة تسريع النمو الصناعي 2014-2020، التي ساعدت على إدخال المغرب في سلاسل القيمة العالمية خاصة في قطاعات السيارات والطيران.

وكان لهذا الأمر دور كبير في استقطاب استثمارات شركات السيارات الكبرى، مثل: “روو” و”بي إس إيه” في المغرب، مما جعله أكبر منتج ومصدر للسيارات في القارة متجاوزا بذلك جنوب إفريقيا، كما ارتفع نصيب قطاع التصنيع من الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلى 37% بين عامي 2010 و2019.

تحول نحو الطاقة المتجددة

أورد التقرير أن المغرب، الذي كان يركز في البداية بشكل تقليدي على استيراد الطاقة، قد اعتمد منذ سنة 2009 على سياسة التحول نحو نموذج نمو أكثر استدامة، بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للطاقة، التي تركز على ثلاثة عناصر أساسية، ويتعلق الأمر بزيادة الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتعزيز التكامل الإقليمي، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية بقيادة حزب العدالة والتنمية، كانت قد رفعت في عام 2014، الدعم عن الوقود الأحفوري المرتبط بالنقل.

وفي عام 2015، حدد المغرب هدفا جديدا، يتمثل في تحقيق 52٪ من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030، مع مشروع “نور” للطاقة الشمسية كأحد أبرز الإنجازات في هذا المجال، إلى جانب ذلك شكلت مند عام 2023، مصادر الطاقة المتجددة نسبة 37٪ من طاقة توليد الكهرباء المركبة في المغرب، مع وجود معظمها من طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية.

وأكد التقرير نفسه، أن هذا التحول ليس مجرد خطوة للحفاظ على البيئة، بل يشكل أيضا جزءا من استراتيجية المملكة لتقليل اعتمادها على واردات الطاقة وتعزيز أمنها الطاقي.

الشراكات الدولية.. تعزيز الروابط مع إفريقيا وأوروبا

ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يزال الشريك الاقتصادي الرئيسي للمغرب، إلا أن المملكة توجهت خلال العقدين الماضيين نحو توطيد روابطها مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، وفي هذا السياق، أصبحت الاستثمارات المغربية في تلك المنطقة تتزايد بشكل ملحوظ، مما يعزز من دور المغرب كجسر اقتصادي يربط إفريقيا بأوروبا، مضيفا أن المغرب من خلال المبادرة الأطلسية، يسعى إلى تعزيز تعاونه الاقتصادي مع 23 دولة على الساحل الأطلسي للقارة، وهي خطوة تُعزز من مكانته كقوة إقليمية.

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)