تقرير يرصد التحديات وأوجه القصور التي تواجه تدبير كارثة زلزال الحوز الطبيعية

كشف تقرير حديث حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية لزلزال الحوز، أن عملية تدبير هذه الكارثة الطبيعية تطالها مجموعة من التحديات وأوجه القصور التي تواجه فعالية التدابير المتخذة، والتي تتنوع بين التحديات الإسكانية والتشريعية والقانونية وكذا المدنية والتمويلية وغيرها.

وأوضح هذا التقرير الصادر عن المعهد الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة “CAESD”، والمعنون بـ “تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية لزلزال الحوز”، أن تداعيات زلزال الحوز 2023، قد أبانت عن تطور الخبرة المغربية في التصدي لمخاطر الكوارث الطبيعة وأظهرت تقدما كبيرا في قدرة المغرب على إدارة الأزمات أبرزها تنامي القدرات الذاتية بشكل جعله في غنى عن الاستعانة بالخبرات والإمكانات الخارجية، واستطاعت أن تعري عن عمق التضامن الشعبي وعن بوادر التكامل بين الفعل المؤسساتي والجهود غير الرسمية، لكنها في المقابل كشفت عن مجموعة من التحديات التي تواجه تدبير هذه الكارثة الطبيعية.

وركز التقرير على مجموعة من الجوانب التي رصد فيها أوجه القصور، ويتعلق الأمر في الدرجة الأولى بالجانب الإسكاني، مبرزا أنه بعد مرور أكثر من 8 أشهر على الزلزال، لا تزال بعض الأسر تقطن في منازل آيلة للسقوط أو خيام، حيث تم إعادة بناء 1000 منزل فقط، وذلك بسبب توقف عملية التعمير وحرمان الكثيرين من التوصل بالمساعدة لأسباب إدارية، فهناك من تم رفض ملفه فقط لأنه لم يتوصل بالرقم الخاص الذي يتم إرساله عبر الهاتف وغير ذلك.

وواصل التقرير أن التحديات التي تواجه هذه العملية، تتمثل أيضا في تكليف الساكنة بمسؤولية هدم المساكن لصعوبة ولوج آليات الهدم إلى المناطق المتضررة، دون توفير أي موارد أو وسائل للساكنة في سبيل تطبيق هاته العملية، إضافة إلى استياء السكان من التعويض الذي وصفوه بـ”غير المنصف” الذي توصلوا به، حيث سكنت أسر متعددة الأفراد في منازل صغيرة لا تتجاوز 70 مترا ، مع عدم احترام شروط الساكنة فيما يتعلق بشكل المعمار والمواد التي ينبغي أن يتم البناء.

وقال التقرير إن “المنهجية التي تم العمل بها في صرف المساعدة للسكان لم تتصف بالعملية وتستلزم وقتا طويلا، حيث كان على العديد من الساكنة الانتظار لفترات طويلة بعد صرف الدفعة الأولى قبل أن تأتي الجنة لتعاين ما تم إنجازه ويتم صرف الدفعة الثانية”.

ورصد نفس المصدر تحديات تشريعية وقانونية، تتعلق أساسا بغياب تحديد دقيق لمفهوم الخطر الطبيعي، وغموض الضمانات والمسؤوليات، وتعدد المتدخلين مما يضعف التنسيق ويؤدي إلى ردود فعل غير مندمجة، مشيرا إلى أن معظم النصوص وضعت استجابة لظروف استعجالية دون رؤية استراتيجية شاملة، مع عدم مراعاة المخاطر في قوانين البناء وتخصيص العقارات.

وفيما يخص الجانب التقني، فقد ذكر تقرير المعهد الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن الدعائم التقنية لتدبير الكوارث في المغرب تعاني من الهشاشة، وأضاف أن ضعف أنظمة الاتصال يؤثر على اليقظة والإنذار المبكر، مؤكدا أن نظام ” “MnhPRA لتحليل مخاطر الكوارث لم يستغل بشكل كاف رغم أهميته.

وواصل أن مركز اليقظة والتنسيق “CVC” يعاني من “نقص في التمويل والتمثيل المحلي، وتبقى إمكانيات المديرية العامة للوقاية المدنية محدودة وغير موزعة بشكل عادل. بالإضافة إلى ذلك، تعاني قواعد بيانات رصد المخاطر من التشتت وضعف التحديث، مما يحد من فعالية التدخلات العامة”.

واستطرد التقرير أن المنطقة المتضررة تعاني من ضعف العمل الجمعوي، نظرا لقلة الجمعيات الناشطة في المجال الإنساني بالمنطقة ولافتقار الجمعيات القائمة للهيكلة والتنظيم، لافتا ألى أن بعضها تعمل بطرق غير قانونية، ما كان له تأثير سلبي على قدرة الجمعيات على الاستجابة للأزمات والطوارئ، ما أدى بدوره إلى انعدام الكفاءة في تقديم المساعدة والدعم للمجتمعات المحلية في خضم الزلال وبعده، ما يؤكد بحسبه الحاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم هذا القطاع بشكل عاجل لضمان تقديم الدعم الإنساني بشكل فعال ومستدام.

وعلى المستوى التخطيطي، أكد التقرير أن الجهود المبذولة في المناطق المتضررة من الزلزال ركزت على الجوانب التقنية متجاهلة التخطيط الاستراتيجي لتأثيرات الكوارث الطبيعية، مما أدى إلى غياب استراتيجية وطنية شاملة رغم أهمية وجودها في الوقاية وتدبير المخاطر، مشيرا إلى أن المغرب، بسبب موقعه الجغرافي، يعد من أكثر الدول عرضة للكوارث الطبيعية في المنطقة، مع خسائر سنوية قد تتجاوز 800 مليون دولار، ما يبرز أهمية الانتقال نحو استراتيجية متكاملة وفق إطار “سنداي” للإدارة المندمجة للمخاطر، لتعزيز التأهب والتخفيف من تأثيرات الكوارث المحتملة.

واعتبر نفس المصدر أن تحدي التكامل بين الفاعلين الرسميين وغير الرسميين بسبب غياب آلية وطنية تؤطر العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني على الصعيد المحلي، يمكن أن يسهم التنسيق بين السلطات والجمعيات في تخفيف المعاناة وتحسين الحلول بفضل خبرة الجمعيات يلعب المجتمع المدني دور الوساطة لتشخيص الاحتياجات ونزع التوترات، رغم الإشكالات المتعلقة بمساطر ونطاق الاستفادة من الدعم وإعادة الإعمار.

وخلص المعهد الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة إلى الإشارة إلى أنه على الرغم من زيادة إنشاء حسابات أمور خاصة في قوانين المالية السنوية، إلا أن الهندسة المالية لمخصصات مواجهة الكوارث الطبيعية تعاني من مشاكل عدة، مثل عدم وضوح تحديد المخاطر الطبيعية في ميزانيات القطاعات المعنية وقصور في شفافية التدبير المالي للبرامج المخصصة، بالإضافة إلى محدودية الأثر المالي، حيث لم تحقق التمويلات الضخمة استفادة واسعة، مع ضعف أعداد المستفيدين من صناديق مواجهة الكوارث، مما يستدعي تحويلها إلى صندوق وطني لتعزيز القدرة على الصمود.

تعليقات( 0 )