تشكل مسألة نقل جثامين مغاربة العالم إلى أرض الوطن تحديا حقيقيا يواجه الأسر المغربية المقيمة بالخارج، فبينما يواجهون ألم الفقدان، تتحول لحظات الحزن إلى معاناة حقيقية، إذ تصاحب رغبتهم الكبيرة في دفن موتاهم، رحلة شاقة مليئة بالإجراءات الإدارية الطويلة والمعقدة والتحديات المالية.
وفي هذا الصدد، قال أنيس بيرو، وهو وزير سابق لدى وزارة الجالية المغربية بالخارج، في تصريح قدمه لجريدة “سفيركم” الإلكترونية “إن المملكة المغربية هي من تتحمل نقل جثامين المغاربة الذين وافتهم المنية في الخارج إلى المغرب، كما يقوم موظف الوزارة بالانتقال شخصيا إلى المطار من أجل التكفل بالمساطر والإجراءات الروتينية، ووضعنا سيارة إسعاف خاصة رهن إشارة المعني بالأمر لنقله من أمام المطار إلى منزله في أي بقعة أرضية كان”.
وأكد أنيس بيرو على أن الدورية التي وقعها في سنة 2014، تنص على تسهيل مسطرة نقل جثامين مغاربة العالم إلى وطنهم الأم، مشددا على أن المملكة المغربية تتكلف بنقل جثامين أبنائها، وأنها هي من تتحمل كافة المصاريف المتعلقة بهذا الأمر، موضحا: “مشكل بحث المواطنين عن طرق لجمع مصاريف نقل الأموات، لا يجب أن يكون مطروحا، فهذه مسؤولية منوطة بالدولة المغربية”.
ومن جانبه، أوضح كريم شريف، وهو مغربي مقيم في إسبانيا، في تصريح مماثل، أنه بعد وفاة والدته في الديار الإسبانية، نصحه أصدقائه بالتوجه إلى قنصلية تاراغونا من أجل الحصول على المساعدة في إعادة جثمان والدته إلى المغرب، لكنهم قابلوا طلبه بالرفض، قائلا: “تكلمت معهم، لكنهم رفضوا رفضا قاطعا مساعدتي بأي وسيلة كانت، وحتى إداريا لم يسهلوا علي أي شيء، وأنا لا أعرف الطريق الواجب سلكها أو الإجراءات المهم القيام بها، لذلك كنت مجبرا أن أبحث عن المعلومة في أماكن أخرى، فسألت العديد من الناس وتواصلت مع شخص آخر فحددت معه الثمن ودفعت له كل ما كان يطلبه”.
وبدوره، لفت عبد القادر اگنو، رئيس جمعية الصحراء المغربية في سويسرا، إلى أنه من المفروض أن يتم ترحيل جثامين المغاربة في أجل لا يتجاوز أقصاه 5 أيام، في الوقت الذي لا تتعدى فيه مدة نقل مواطني إحدى الدول الجارة مدة 3 أيام، موجها دعوته إلى الجهات المعنية من أجل إعادة النظر في هذا الإشكال الذي يقض مضجع مغاربة العالم.
وواصل المتحدث ذاته قائلا: “بالنسبة للوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الجالية المغربية بالخارج، أكدوا أكثر من مرة أن الدولة هي من تتحمل مصاريف نقل جثمان أي مغربي وافته المنية في الخارج، دون الحاجة إلى جمع التبرعات في المساجد وغيرها”.
وتأسف الفاعل الجمعوي عن حوادث إحراق بعض الجثامين في دول أخرى، قائلا: “الكلام في منحى والفعل في منحى آخر، حرام أن يتم حرق بعض الجثامين في بلدان أخرى، لا نريد لمغاربة العالم أن يبلغوا هذه المرحلة”.
أما حجيبة، وهي فاعلة جمعوية في سويسرا، فقد ناشدت الملك محمد السادس الذي يخص مغاربة العالم بعناية فائقة، ويؤكد في كل مناسبة على أهمية تسهيل المساطر الإدارية الخاصة بهم، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتيسير عملية نقل جثامين أفراد الجالية المغربية إلى الوطن.
وقالت حجيبة: “سئمنا كجالية مغربية مقيمة في سويسرا أن نطلب في كل مرة جمع التبرعات لنقل الموتى، سواء من خلال تنزيل منشورات على الفايسبوك أو التيك توك، ولا يليق بنا كمغاربة أن نطلب في كل مرة نفس الأمر، في الوقت الذي تسهل فيه دول أخرى على مواطنيها هذه العملية، بينما يمكن أن يبقى جثمان مواطن مغربي مدة تفوق 15 يوما”.