كشفت صحيفة “جون أفريك” على لسان الكاتب الموريتاني، مبارك ولد بيروك، أن مبادرة الحكم الذاتي التي كان قد تقدم بها المغرب تُعد الخيار الأكثر واقعية للخروج من هذا النزاع المفتعل، مبرزة أن آلاف من الصحراويين المتواجدين في مخيمات تندوف يعيشون في ظروف صعبة، حيث أن أغلبهم ولد في الخيام، حيث لا مستقبل أمامهم، ولا قرارات بأيديهم.
ووصف ولد بيروك في مقال تحليلي نشرته صحيفة “جون أفريك” “Jeune Afrique“، وضعية الصحراويين في مخيمات تندوف بـ”المأساوية”، حيث تعيش آلاف الأسر منذ عقود في عزلة قاسية، وسط ظروف غير إنسانية، يطبعها القمع وانعدام الأفق، وغياب صوت حقيقي يُعبر عنهم داخل المؤسسات التي تزعم تمثيلهم.
وأوضح الكاتب أن السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية الصحراوية، أصبحت أمرا لا جدال فيه بعد خمسة عقود، وأن معظم سكان المخيمات لم يعرفوا في حياتهم سوى حياة اللجوء والخيام الطينية، وأن معاناتهم تستغل من قبل قادة لا يمثلونهم فعليا، ويُمارسون عليهم رقابة صارمة تدفن حرية تعبيرهم.
وقال الكاتب الموريتاني مبارك ولد بيروك، خلال حديثه عن الواقع داخل هذه المخيمات بأنه مؤلم، وأن جبهة البوليساريو تحكم الناس هناك بالقوة، وتُراقب تحركاتهم، وتتحكم في كل شيء، من الطعام إلى التنقل.
وتوقف ولد بيروك عند ما اعتبره “حالة لا حرب ولا سلم”، مؤكدا أنها لم تعد تخدم أحدا، حتى آلاف الصحراويين المحاصرين في صحراء “لحمادة”، مضيفا أن حلم قيام “دولة صحراوية” أصبح فكرة متجاوزة، لا يؤمن بها حتى مَن يدعون الدفاع عنها، مشيرا إلى أن قيادات جبهة البوليساريو الوهمية نفسها فاقدة للشرعية ولا علاقة لها بالواقع.
وقال الكاتب الموريتاني إن استمرار هذا الوضع لا يمكن فهمه إلا من منطلق رغبة بعض الأطراف في الإبقاء على بؤرة توتر تخدم أجندات لا تمت لمصالح الصحراويين بصلة، داعيا الجزائر إلى إنهاء النزاع، وفتح صفحة جديدة من التعاون الإقليمي الذي يخدم الشعوب المغاربية.
وذكرت “جون أفريك” أن قيادات الجبهة تعيش في رفاه، بينما الناس في المخيمات يعيشون تحت وطأة الفقر واليأس، مضيفة أن بعض هؤلاء القادة يمتلكون عقارات في الخارج ويسافرون بشكل مستمر، في تناقض كبير مع ما يعانيه اللاجئون
وأشار إلى أن مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي حظي بدعم دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، يمثل الحل العملي والمنصف، خاصة وأنه يضمن للصحراويين تدبير شؤونهم المحلية في إطار السيادة المغربية، دون رفع أعلام وهمية أو تشكيل جيوش موازية.
وختمت “جون أفريك” مقالها بالتأكيد على أن من يُحاجج بالقانون الدولي عليه أيضا أن ينظر إلى الواقع الإنساني والاجتماعي، حيث يقبع عشرات الآلاف من الأشخاص في مخيمات بدون أمل أو مستقبل، في الوقت الذي أصبحت فيه الأقاليم الجنوبية المغربية مناطق مزدهرة تنبض بالحياة والفرص.