أعادت وسائل إعلام فرنسية، إلى الواجهة تفاصيل قضية هروب بين فرنسا والمغرب امتدت فصولها لأكثر من عقد من الزمن، بطلها هو حسن بنحمزة، شاب مغربي يشتبه في لجوئه إلى حيلة غير مسبوقة: تزييف وفاته للفرار من العدالة، بمساعدة أفراد أسرته.
وأوضح تقرير نشره موقع “TF1 Info” أن تفاصيل هذه القضية التي وقعت في شوارع باريس، تعود إلى مساء الـ26 من مارس 2011، حين نشب خلاف بسيط بين مهدي الطير، البالغ من العمر 23 سنة آنذاك، وصديقه حسن بنحمزة، داخل قاعة رياضية بحي بيلفيل في باريس.
وأضاف نقلا عن مقربين من الطرفين، أن حسن كان يضايق كلب مهدي، قبل أن يتطور النقاش بينهما إلى شجار، وفي لحظة غضب، هدد حسن صديقه بشكل صريح قائلا: “غدا سأعود وأقتلك”. وفي اليوم الموالي، انتظر حسن صديقه أمام منزله، وكان يحمل سكينا، فطعنه به خمس مرات متتالية أمام المارة، ليفارق مهدي الحياة بعد نقله إلى المستشفى.
ولم يكتفِ حسن بالهروب من فرنسا، بل دبرت عائلته خطة لطمس أي أثر له، فبعد أربعة أشهر من الجريمة، أعلنت الأسرة وفاته، وزعمت أنه انتحر بسبب شعوره بتأنيب الضمير، فقدمت شهادة وفاة رسمية إلى السلطات الفرنسية، ادعت فيها أنه وُري الثرى في مزرعة عائلية قرب العاصمة.
ووفق ما كشفه برنامج “Sept à Huit”، لم تنطلِ الرواية على المحققين الفرنسيين، الذين واصلوا التنصت على اتصالات العائلة، وسرعان ما اكتشفوا أن حسن ما يزال حيا يرزق، وأن أفراد أسرته كانوا على تواصل دائم معه، يتحدثون إليه، ويزورونه، دون أي أثر للحزن أو الفقدان الذي ادعوه.
وذكر المصدر ذاته أن التحريات أكدت أن حسن عاش متخفيا يتنقل من بيت إلى آخر، بما في ذلك شقة على ساحل البحر، يمتلكها والده.
ورصدت التحقيقات، بحسب ما أورده الموقع، محادثات بين حسن ووالده، اشتكى فيها من حياة الخوف والاختباء، قائلا: “حياتي أصبحت كحياة الخفافيش… دفنت نفسي في هذا الجحيم”، ليتبين لاحقا أن شهادة الوفاة كانت مزورة بالكامل، ما تسبب خلال سنة 2017، في إدانة أفراد من عائلة الهارب بتهم التزوير واستخدام وثائق مزورة، لمدة تتراوح ما بين سنة و15 شهرا مع وقف التنفيذ.
ورغم الحكم الغيابي الصادر ضده من محكمة الجنايات في باريس سنة 2016 بالسجن لمدة 25 عاما، كان حسن حرا إلى أن تمكنت السلطات المغربية من توقيفه في ماي 2023، عندما ألقت القبض عليه، بعد مشادة عرضية قرب مركز تجاري.
وأردف الموقع أن محكمة الجنايات في الرباط أدانت حسن بنحمزة بجريمة القتل، وحكمت عليه بالسجن لمدة عشرين سنة، لكن الأسرة أعادت استئناف الحكم الابتدائي، وتجري مؤخرا محاكمته، مبرزا أن عائلة الضحية تنتظر النطق بالحكم النهائي المقرر في السابع من أبريل المقبل.
وأضاف الموقع أن إيناس، شقيقة مهدي، ظلت طوال هذه السنوات تخوض معركة من أجل شقيقها، حيث قالت بنبرة لا تخلو من الألم: “انتظرنا العدالة أربعة عشر عاما، ولن أتراجع حتى يأخذ حقه”، وأضافت خلال متابعتها لجلسات المحاكمة: “إذا حصل على أقل من عشرين سنة، لن أتوقف، سأواصل حتى النهاية”.