يعيش وفد البوليساريو وقيادة الجبهة على وقع غليان كبير، إثر قبول قيادة الأممية الاشتراكية مشاركة حركة “صحراويون من أجل السلام” في اجتماعات المنظمة، والتي كانت البوليساريو عضوا فيها بصفتها “الممثل الحصري للصحراويين”. غير أن هذه الخطوة الجديدة أسقطت هذا الادعاء، بعد قبول عضوية الحركة الصحراوية المناهضة للبوليساريو والمؤيدة لمقترح الحكم الذاتي المغربي داخل المنظمة الاشتراكية العالمية.
وحسب المعطيات التي توصل بها موقع “سفيركم”، فإن وفد “صحراويون من أجل السلام” المشارك في المؤتمر يضم في عضويته سفيرا سابقا للبوليساريو في فنزويلا، إلى جانب أعضاء يمثلون الأقاليم الجنوبية للمملكة ومخيمات تندوف، وهو ما أثار غضبا كبيرا واحتجاجا رسميا من جانب البوليساريو.
وفي هذا الصدد، حصل موقع “سفيركم” على رسالة وجهتها الجبهة الانفصالية إلى قيادة أحزاب الأممية الاشتراكية، تحتج فيها بشدة على قرار قبول مشاركة حركة “صحراويون من أجل السلام” في مؤتمر المنظمة المنعقد حاليا في مدينة إسطنبول التركية.
وعبّرت جبهة البوليساريو الانفصالية، في رسالة موجهة إلى الأحزاب الاشتراكية الأعضاء في الأممية الاشتراكية، عن انزعاجها الشديد من الخطوة التي اتخذتها المنظمة الدولية بمنح صفة مراقب لحركة “صحراويون من أجل السلام”، وهي الحركة التي تمثل صوتا صحراويا بديلا يعكس تطلعات عدد متزايد من أبناء الأقاليم الجنوبية نحو حل سياسي واقعي، يتمثل في مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وفي محاولتها لنزع الشرعية عن هذه الحركة السلمية، ادعت البوليساريو أن “صحراويون من أجل السلام” لا تمثل الصحراويين، مدعية أنها واجهة أنشأها المغرب، وهو ادعاء يرى كثيرون أنه غير منطقي على اعتبار أن الحركة تضم شخصيات صحراوية بارزة، بينها سفير سابق للبوليساريو في فنزويلا، ومناضلين سابقين من داخل المخيمات.
وتُظهر نبرة الرسالة ارتباك الجبهة في مواجهة التعددية السياسية داخل المجتمع الصحراوي، حيث لجأت إلى اتهام الحركة بمحاولة “إرباك وتضليل” أعضاء الأممية الاشتراكية، مستندة إلى مقال صحفي في محاولة لتبرير رفضها لأي صوت معارض من داخل الصحراويين أنفسهم.
كما لم تتردد الجبهة، التي تحظى بدعم مكشوف من الجزائر، في مهاجمة أعضاء الحركة، مدعية أنهم يخدمون ما تسميه “إدارة الاحتلال المغربي”، في تكرار ممل للخطاب الذي يرى مهتمون أنه لا يتماشى مع التحولات العميقة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية على مستوى التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وتعكس هذه الرسالة، في جوهرها، فشل البوليساريو في الاحتفاظ بادعاء التمثيل الحصري للصحراويين، خاصة بعد اتساع دائرة الأصوات الصحراوية المؤيدة للمبادرة المغربية، واعتراف منظمات دولية بشرعية الحل القائم على الحكم الذاتي. كما تعكس، وفق عدد من المهتمين، فقدان الجبهة القدرة على التأثير داخل المنتديات الدولية، بعد أن أصبح حضور المغرب وحلفائه متناميا ومؤثرا في أمريكا اللاتينية وأوروبا وإفريقيا.