اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش أن استمرار انهيارات المنازل بالمدينة العتيقة، التي تترأسها العمدة فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان في الحكومة الحالية، يمثل “تهديدا حقيقيا للحق في الحياة والسلامة والأمان للمواطنات والمواطنين، ودليلا على فشل كل التدابير والسياسات العمومية في مجال الحق في السكن”.
وجاء في بيان لمكتب فرع الجمعية الحقوقية بمراكش، توصل “سفيركم” بنسخة منه، أن 5 منازل انهارت صبيحة يوم الإثنين 24 فبراير دفعة واحدة بحي سيدي بن السليمان الجزولي بالمدينة العتيقة، مشيرا إلى أن “هذه الواقعة ليست معزولة عن وقائع سابقة، ومنها ما خلف ضحايا في الأرواح”.
واعتبر البيان أن السلطات المحلية، والجهات المكلفة بمعالجة أوضاع الدور المهددة بالانهيار، وتلك الناتجة عن تداعيات زلزال الأطلس الكبير الذي ضرب مناطق متعددة يوم 8 شتنبر 2023، تتعامل باستخفاف مع المخلفات الاجتماعية سواء فيما يخص ساكنة الدور الآيلة للسقوط قبل الزلزال أو ضحايا الزلزال.
وأضاف البلاغ أن “السلطات المختصة غير مهتمة وتفتقد سياستها للفعالية والنجاعة”، مبرزا أن “عدم هدم المنازل المتضررة بشكل كبير وعدم التدخل الفوري لإنقاذ المنازل المتداعية أدى إلى توالي الانهيارات منذ أكتوبر 2023”.
ومن بين هذه الحوادث، انهيار منزل بحي رياض الزيتون القديم، ثم انتشال أفراد أسرة أحياء من تحت أنقاض منزل بدرب العرصة بحي سيدي أيوب يوم 14 دجنبر 2023، إضافة إلى انهيار منزل مكون من طابقين يوم 29 دجنبر 2023 نجت منه سيدة ستينية بأعجوبة بفضل تدخل الجيران، وانهيار آخر بحي أزبزط يوم 30 دجنبر 2023، حيث تمكنت عناصر الوقاية المدنية من إنقاذ ثلاثة أشخاص، بينهم طفل. كما انهار منزل متضرر يقطنه أربعة مسنين بدرب الطالب يعقوب بحي الملاح، ما أدى إلى إصابتهم بجروح خفيفة.
وأشارت الجمعية إلى انهيارات طالت مباني تضم وكالات بنكية ومقاهي يوم 6 فبراير 2024 بزنقة الموحدين المقابلة لساحة جامع الفناء، وانهيارات أخرى وقعت بعد سقوط الأمطار يوم 9 فبراير 2024 بأحياء الملاح وبن صالح وباب دكالة.
واعتبرت الجمعية أن “السلطات المركزية والمحلية لجأت مؤخرا إلى خطابات تفتقد لآليات التنفيذ والنجاعة”، مشيرة إلى “وعود متكررة بالقضاء على المنازل الآيلة للسقوط ودور الصفيح والسكن غير اللائق، استنادا إلى برامج سابقة كان مآلها الفشل”.
وأكد البلاغ أن “التصريحات الرسمية واكبتها في البداية عمليات هدم بحي يوسف بن تاشفين، دون إيجاد بدائل لإيواء المتضررين”، مضيفا أن “الدعامات الخشبية والحديدية المنتشرة دليل على عدم ترميم أو إعادة بناء المنازل المتضررة من زلزال الأطلس الكبير رغم مرور سنة ونصف على الكارثة”.
كما سجلت الجمعية “عدم تفاعل السلطات المحلية والمنتخبة مع مطالب ساكنة المنازل الآيلة للسقوط واحتجاجات المتضررين من زلزال 8 شتنبر 2023″، معتبرة أن “لغة التسويف والتماطل هي السائدة”، حيث سبق لساكنة الملاح أن احتجت مرارًا دون أن تجد وعود المسؤولين أي تنفيذ على أرض الواقع.
وأبرزت الجمعية “غياب مقاربة واقعية للتعاطي مع مشكل الدور الآيلة للسقوط”، مشيرة إلى أن عدد هذه المنازل قبل الزلزال كان يقدر بحوالي 1600 منزل موزعة بين المدينة العتيقة ومقاطعة المشور القصبة وسيدي يوسف بن علي، فضلا عن السكن غير اللائق في عدة مناطق.
وأكدت أن “الدمار الناتج عن الزلزال كشف الغش وانعدام الضمير في الترميمات المنجزة في إطار برنامج مراكش الحاضرة المتجددة وبرنامج تثمين المدينة العتيقة، حيث افتقدت هذه الإصلاحات للجودة وشوهت الموروث الثقافي والتاريخي للمدينة”.
وطالبت الجمعية الحقوقية بالإسراع في فتح تحقيق قضائي وافتحاص مالي للبرامج السابقة، خاصة برنامج مراكش الحاضرة المتجددة الذي انطلق سنة 2014 بغلاف مالي قدره 6.3 مليار درهم، وبرنامج تثمين المدينة العتيقة الذي انطلق سنة 2018، وبرنامج تأهيل المباني الآيلة للسقوط، وبرنامج مدن بدون صفيح.
كما شددت على ضرورة ترتيب الآثار القانونية عن ذلك وهدم المباني المتصدعة بالمدينة العتيقة، مع التأكيد على ضمان الحق في السكن والإيواء بعيدًا عن التشريد والطرد.
ودعت الجمعية إلى الإخلاء الفوري للأزقة والدروب والممرات بالمدينة العتيقة من الأتربة والمخلفات المتراكمة، والتعجيل بإزالة آثار المباني المنهارة جراء الزلزال، مع الإسراع في ترميم وإعادة تأهيل المباني القابلة لذلك وفق شروط تضمن الاستدامة والمتانة والصلابة، مع توفير كل متطلبات السكن اللائق.