تُسدل سنة 2024 ستارها على مجموعة من النجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، في سنة توصف بـ”الاستثنائية” من طرف العديد من المهتمين بالتحركات المغربية على المستووين الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق قال الخبير في العلاقات الدولية، نضال بنعلي الشرقاوي، إن هذه السنة لم تكن مجرد استمرار للمكتسبات السابقة، بل أيضاً مرحلة أثبت فيها المغرب قدرته على التأقلم مع التحولات الدولية وتأكيد ريادته في مجالات مختلفة.
وتابع في تصريح خاص لمنبر “سفيركم” بأن المغرب عزز مكانته كشريك أساسي للدول الإفريقية في إطار الرؤية الملكية للتعاون جنوب-جنوب، مشيرا إلى توقيع المغرب شراكات استراتيجية مع دول مثل السنغال وكوت ديفوار ونيجيريا في مجالات الطاقة المتجددة، حيث أطلقت مشاريع جديدة للطاقة الشمسية والريحية في إطار مبادرة “نور” للطاقة النظيفة.
وأورد الشرقاوي بأن الدبلوماسية المغربية حققت خطوات إضافية نحو ترسيخ الاعتراف الدولي بسيادتها على أقاليمها الجنوبية، حيث شهدت السنة افتتاح قنصليات جديدة في مدينتي العيون والداخلة لدول صديقة وشريكة مثل سيراليون وتوغو، مما يعكس تزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل.
وعلى مستوى الأمم المتحدة، تم تأكيد دعم القرارات الأممية التي تعترف بجدية وواقعية المبادرة المغربية، مع إشادة دولية بالدور البناء الذي يقوم به المغرب لدعم الاستقرار الإقليمي.
ارتباطا بالمجال الزراعي، أوضح الشرقاوي، بأن المغرب قاد مبادرات لدعم الأمن الغذائي في إفريقيا من خلال نقل الخبرات المغربية في تقنيات الري والتسميد، كما تم توقيع اتفاقيات لتسهيل تصدير المنتجات الزراعية بين المغرب والدول الإفريقية، مؤكدا بأن هذه التحركات عززت من مكانة المملكة كدولة رائدة في التنمية المستدامة بالقارة.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى “مبادرة الأطلسي“، التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تركز على تعزيز التعاون البحري والأمني بين دول ضفتي الأطلسي، مذكرا بأنها حظيت باهتمام دولي واسع، “لا سيما في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة”، حسب تعبيره.
وكان المغرب قد استضاف في هذا الإطار عدة اجتماعات مع شركاء دوليين، وتم التوقيع على مذكرات تفاهم لتنسيق الجهود الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود.
من جهة أخرى، قال المتحدث ذاته في تتمة تصريحه ل”سفيركم”، “لقد لعب المغرب دورا رئيسيا في الوساطة وحل النزاعات بالقارة الإفريقية، ومثال ذلك جهوده في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية، حيث احتضنت المملكة جولات جديدة من الحوار الليبي في بوزنيقة والرباط”، مضيفا أن هذه الجهود أثمرت عن توافقات مهمة بخصوص تنظيم الانتخابات الليبية، مما يعكس التزام المغرب بالمساهمة الفاعلة في تحقيق الاستقرار بالقارة.
على المستوى الثقافي، أكد الشرقاوي مواصلة المملكة تعزيز حضورها من خلال تنظيم فعاليات دولية تعكس غناها الثقافي وتنوعها، من بينها “فاس لحوار الحضارات”، الذي جمع مشاركين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا التعايش والسلام.
كما ساهمت المملكة في تعزيز مكانته كمنارة دينية معتدلة عبر مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي نظمت برامج تدريبية لأئمة ودعاة من دول إفريقية مختلفة لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال.
في علاقاته مع القوى الكبرى، وبحسب تصريح “الشرقاوي” فقد واصل المغرب تطوير شراكاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، موضحا أن العلاقة مع الولايات المتحدة، شهدت تعزيز التعاون الأمني والعسكري، خاصة من خلال المناورات العسكرية المشتركة “الأسد الإفريقي”، وفي علاقته بالاتحاد الأوروبي، وقع المغرب اتفاقيات جديدة في مجالات الهجرة والطاقة الخضراء، بما يعكس دور المملكة كشريك موثوق ومستدام في المنطقة.