دعا جيمس ريتشر، وهو خبير في السياسة الخارجية البريطانية، المملكة المتحدة إلى الالتحاق بركب حلفائها من الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء، مؤكدا أن هذه الخطوة لم تعد مجرد خيار دبلوماسي بالنسبة لبريطانيا، بل خطوة استراتيجية لتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية.
وأوضح تقرير نشره خبير السياسة الخارجية البريطانية، جيمس ريتشر، في موقع “Comment Central“، أنه يجب على المملكة المتحدة إعادة تقييم أهداف سياستها الخارجية، مبرزا أن موقفها من الصحراء المغربية من أهم القضايا الملحة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، مضيفا أنه على الرغم من أن الحكومات البريطانية المتعاقبة لم تعترف بعد بسيادة المغرب على المنطقة، إلا أن عددا من حلفائها الرئيسيين، مثل: الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإسرائيل قد اتخذوا هذه الخطوة بالفعل، ما يفرض على بريطانيا مراجعة موقفها بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.
وواصل التقرير أن الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي جدد من خلالها دعم فرنسا لسيادة المغرب على صحرائه، أعادت تسليط الضوء على الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن تستفيد منها بريطانيا في حال اتخذت خطوة مماثلة، فقد تعهد ماكرون باستثمارات ومبادرات تنموية لصالح سكان المنطقة، كما وقعت بلاده مع المغرب اتفاقيات تعاون تجاوزت قيمتها 10 مليارات يورو.
وذكر الخبير البريطاني أنه في الوقت الذي تركز فيه الحكومة العمالية الجديدة على تعزيز الاقتصاد وتوسيع مشاريع الطاقة المتجددة، يمكن أن يشكل الاعتراف بمغربية الصحراء خطوة مهمة من شأنها أن تدعم هذه الأهداف، لا سيما وأن المغرب قد استثمر بشكل كبير في الطاقة النظيفة والبنية التحتية وشبكات النقل في الأقاليم الجنوبية، ما يمكن أن يوفر لبريطانيا فرصة لتوسيع شراكاتها التجارية، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وسعيها لإقامة شراكات جديدة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.
ولفت الخبير إلى أن بريطانيا لن تستفيد من الجانب الاقتصادي فقط، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى المساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، حيث أن أحدث تقرير لـ”منتدى كامبريدج للشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، قد أكد على أن الاعتراف بمغربية الصحراء يمكن أن يقلل من النفوذ الروسي في المنطقة، ويساهم في مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي تنطلق غالبا من منطقة الساحل، مشيرا إلى أنه يمكن تحت السيادة المغربية على المنطقة، تعزيز مراقبة الحدود والحد من مخاطر الإرهاب، ما يخفف من الضغط الأمني على بريطانيا وأوروبا.
واستطرد التقرير أن تمديد مجلس الأمن لبعثة “المينورسو”، يعكس أهمية المنطقة والجهود الدولية المبذولة فيها بتعاون مع المغرب لمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن مندوب الإكوادور في المجلس قد أكد على أهمية البعثة التي أنشئت في عام 1991، في الحفاظ على استقرار المنطقة.
ولم يغفل الخبير البريطاني على حقيقة أن الصحراء المغربية تعتبر منطقة جاذبة لمشاريع الطاقة المتجددة الضخمة، بفضل مساحتها الواسعة ومواردها الطبيعية المتنوعة، حيث أصبحت المنطقة مركزا لمزارع الطاقة الشمسية والرياح، مثل مشروع الحقل الريحي “أفتيسات” و”بوجدور”، إلى جانب مشاريع الهيدروجين الأخضر وإنتاج الأمونيا، موضحا أن هذه المشاريع والمبادرات تعكس التزام المغرب بتوسيع قدراته في مجال الطاقة المتجددة، ما ينسجم مع أجندة الطاقة المستدامة التي تتبناها الحكومة البريطانية.
وشدد خبير السياسة الخارجية البريطانية في تقريره ، على أن موقف بريطانيا من قضية الصحراء يضعها في تناقض مع حلفائها الرئيسيين، ولا سيما الولايات المتحدة، التي اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه في عهد إدارة ترامب، إلى جانب فرنسا وألمانيا وإسرائيل، لافتا إلى أن هذا الاعتراف ساهم في تعزيز التعاون بين هذه الدول والمغرب في مجالات الاقتصاد والأمن، وبالتالي، فإن تأخر بريطانيا في اتخاذ موقف مماثل قد يضعها في عزلة عن شركائها، ما قد يضعف حضورها الإقليمي.
وخلص التقرير بالقول: “في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، باتت الحاجة ملحة إلى مبادرات تدعم الاستقرار الإقليمي. إن اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء لم يعد مجرد خيار دبلوماسي، بل خطوة استراتيجية لتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية، وقد يحرم تأخر اتخاذ هذه الخطوة بريطانيا من فرص كبيرة للتعاون مع المغرب وباقي دول شمال إفريقيا، في وقت تحتاج فيه إلى تعزيز شراكاتها الدولية”.
تعليقات( 0 )