كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة “ISEAK” حول تصورات ومواقف المواطنين الإسبان تجاه الهجرة، أن المواطنين الإسبان يميلون إلى تضخيم حجم الهجرة والمبالغة في تأثيرها على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية في إسبانيا.
وتقوم هذه الدراسة التي أجرتها مؤسسة “ISEAK” والتي تم نشرها في الموقع الرسمي للمفوضية الأوروبية، على تحليل تصورات ومواقف المواطنين الإسبان تجاه الهجرة، وكذلك تأثير هذه المواقف على دعم أو معارضة سياسات الهجرة المتعلقة بالهجرة والاندماج، مؤكدة أن المواطنين الإسبان يميلون إلى المبالغة في تقدير حجم الهجرة، والتقليل من خصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، والمبالغة في التأثيرات السلبية التي يحدثها وصول المهاجرين على سوق العمل، والرفاه، والثقافة، والأمن.
وتابعت الدراسة أن المجتمع الإسباني يعتبر أن العوامل الهيكلية، مثل العمليات البيروقراطية أو التمييز، هي أكثر أهمية من الخصائص الفردية عند تفسير الفجوات العمالية بين المهاجرين.
وأظهرت الدراسة أن الشعور بالتهديد يرتبط بمعارضة دخول المهاجرين، وأن الاعتقاد بأن الفجوات العمالية تعود إلى خصائص جوهرية لدى المهاجرين، مثل الجهد، واللغة، والمعايير الثقافية، يرتبط بمعارضة أكبر لسياسات الاندماج، مبرزة أن الايديولوجية السياسية، والتعليم، والدخل يرتبطون أيضا بشكل كبير بدعم دخول واندماج المهاجرين.
وأكدت الدراسة أن نتائجها تكتسي أهمية كبيرة في المساعدة على صياغة السياسات العامة، حيث يؤدي توفير معلومات حول تأثير الاندماج على التوظيف والمعلومات الموضوعية حول استفادة المهاجرين من الخدمات العامة إلى زيادة كبيرة في دعم زيادة الهجرة وكذلك دعم السياسات التوزيعية.
وتكشف نتائج الدراسة عن جوانب مهمة أخرى، تتعلق في البداية بتوفير معلومات للجمهور حول التكامل بين العمال المحليين والمهاجرين في سوق العمل، الذي من شأنه أن يقلل من شعور التهديد الثقافي، وهو عامل أساسي يدفع الإسبان إلى مناهضة الهجرة، كما أنها ترمي إلى إطلاع المواطنين على استخدام الموارد من قبل السكان المهاجرين، وهو أمر لا يصحح فقط التصورات الخاطئة حول البطالة واستخدام المساعدات الاجتماعية، بل يقلل أيضا من العبئ الضريبي المُتصور.
وشدد مؤلفو الدراسة في استنتاجاتهم على أهمية معالجة المعلومات المضللة لتعزيز اندماج السكان المهاجرين، مشيرين إلى أن السياسات يجب أن تركز على تقليل المخاوف المتعلقة بالهوية والاقتصاد لدى السكان المحليين لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق الرفاهية الاقتصادية.
واقترحت مؤسسة “ISEAK” الالتزام بمجموعة من الإجراءات للحد من انتشار المعلومات المضللة حول الهجرة وتعزيز الاندماج، وفي مقدمتها تصحيح المغالطات من خلال تطوير أنشطة تعليمية للمواطنين للكشف عن البيانات والأخبار المضللة، مثل تقنية “Go Viral!” التي طورتها جامعة كامبريدج، والتي تكشف عن تعرض الأشخاص ضحية لنشر الشائعات عبر الإنترنت، لا سيما مع تزايد أصوات الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا وزيادة دعم هذه الأحزاب بين الشباب في إسبانيا، مشددة على أهمية دمج التربية الإعلامية في التعليم الثانوي والجامعي لتمكين المواطنين من التمييز بين المعلومات المضللة والحقيقية.
وشملت قائمة المقترحات، ضرورة القيام بحملات توعوية لتقديم معلومات دقيقة وموضوعية حول الهجرة، مثل حملات “توقف وتأكد” التي أطلقتها اللجنة الانتخابية الأسترالية، والتي تشجع الناخبين على التحقق بعناية من مصادر المعلومات الانتخابية.
وخلصت الدراسة إلى التأكيد على أهمية تشجيع التنوع في المجتمع الإسباني، من خلال الأنشطة التعاونية بين السكان المحليين والمهاجرين، التي يمكن أن تعزز فكرة أن اندماج المهاجرين والزيادة اللاحقة في التنوع ليس فيه أي تهديد ثقافي للسكان المحليين، إلى جانب إنشاء مساحات يمكن فيها للسكان المحليين والمهاجرين تبادل الخبرات ومشاركة الأنشطة الفنية والرياضية والتعليمية، إسوة بالمراكز متعددة الثقافات في فيينا بالنمسا، وبرلين بألمانيا، ووارسو في بولندا.