رصدت دراسة حديثة أهمية توظيف البنوك والوكالات المصرفية المغربية، للذكاء الاصطناعي، في تحسين أدائها التجاري، مسلطة الضوء على تأثير هذه التقنيات على أكبر ثلاثة بنوك مغربية؛ وهي التجاري وفا بنك، البنك الشعبي، وبنك إفريقيا، مبرزة أهميته في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتقديم خدمات شخصية أكثر فعالية.
وأوضحت هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في الموقع الإلكتروني “Revue International de la Recherche Scientifique“، بعنوان “الذكاء الاصطناعي في تدبير الأداء التجاري للوكالات المصرفية في المغرب”، أن التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع البنكي في المغرب تتعلق أساسا بالتحول الرقمي، الذي أصبح مطلبا رئيسيا لتلبية توقعات العملاء المتزايدة، والمنافسة الشرسة التي تواجهها البنوك والشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية “Fintech” والبنوك الرقمية الجديدة.
وواصلت هذه الدراسة، التي اعتمدت على تحليل بيانات ما مجموعه 150 بنكا، أن الوكالات المصرفية التي تعتمد بشكل مكثف على الذكاء الاصطناعي، سجلت ارتفاعا في متوسط الإيرادات الشهرية بنسبة 15% مقارنة بالوكالات التي تعتمد تقنيات تقليدية، وأضافت أن توظيف الذكاء الاصطناعي أدى إلى خفض متوسط زمن معالجة العمليات بنسبة 30%، ما أتاح للموظفين التركيز على تقديم استشارات وخدمات ذات قيمة مضافة.
وأكدت الدراسة أن الوكالات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في أكثر من 10 عمليات مؤتمتة (تقنية تقوم على تنفيذ العمليات عن طريق تقنيات آلية تكنولوجية أو الذكاء الاصطناعي) سجلت ارتفاعا في معدل رضا العملاء بنسبة 20%، إلى جانب زيادة بنسبة 25% في الاحتفاظ بالعملاء عند استخدام روبوتات الدردشة.
ولفت المصدر ذاته إلى أن الوكالات التي خصصت أكثر من 15% من ميزانية تكنولوجيا المعلومات لتقنيات الذكاء الاصطناعي، حققت زيادة في الإنتاجية بمعدل 18%، موضحا أن تبني الذكاء الاصطناعي أدى إلى تحسين المبيعات الموجهة للشركات بنسبة 22%، حيث استطاعت البنوك تقديم حلول دقيقة لاحتياجات هذا القطاع.
وأظهرت الدراسة تباينا في تأثير الذكاء الاصطناعي بين المناطق الحضرية والقروية، حيث كانت النتائج في المناطق الحضرية أقوى (معامل تأثير β = 0.45، p < 0.001) مقارنة بالمناطق الريفية (معامل تأثير β = 0.29، p < 0.05)، ما يعكس التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والوعي التكنولوجي في المناطق النائية.
وقدمت الدراسة مجموعة من التوصيات العملية، المرتبطة أساسا بالاستثمار الاستراتيجي في الذكاء الاصطناعي؛ من خلال تخصيص نسبة أكبر من ميزانية التكنولوجيا لهذه التقنيات، مع التركيز على تحسين عمليات التشغيل وتقديم الخدمات، وابتكار حلول تتلائم مع التحديات القروية، خاصة من حيث البنية التحتية ودعم تبني التقنيات الحديثة.
وتضمنت قائمة التوصيات، الحرص على تدريب الموارد البشرية، من خلال تدريب الموظفين على استخدام الأدوات الذكية لضمان نجاح عمليات التحول الرقمي وزيادة كفاءة الخدمة، إضافة إلى وضع إطار تنظيمي متطور، عبر صياغة قوانين تحمي خصوصية البيانات وتعزز الشمولية في الخدمات، ناهيك عن تحقيق التوازن بين التقنية والإنسانية، من خلال تجنب الاعتماد المفرط على الأتمتة لضمان الحفاظ على العلاقات الإنسانية التي تعتبر أساسية في القطاع المصرفي.