سلط ، عزيز رباح، الوزير الأسبق للنقل واللوجيستيك، الضوء على عمق العلاقات المغربية الموريتانية، والأهمية التي تحظى بها في المحيطين الإقليمي والدولي، مستعرضا أوجه التعاون بين البلدين وأهميتها الاستراتيجية، وكذا إمكانيات تعزيز هذه الشراكة، لا سيما مع وجود مشترك تاريخي قوي، يتجاوز الجغرافيا ليشمل الدين، والثقافة، والتقاليد المشتركة.
وأوضح عزيز رباح، في مقال اطلع عليه موقع “سفيركم” الإلكتروني، أن الانتماء المشترك الذي يربط المغرب وموريتانيا، يرتكز على أسس دينية وثقافية متينة، أهمها المذهب المالكي الذي يوحد المجتمعين، ويشكل قاعدة صلبة لتعزيز الشراكة، خاصة في مجالات التجديد الديني وتعزيز القيم المشتركة، وكذا تقوية الوشائج الروحية والثقافية.
وأشار المقال إلى أهمية إطلاق مبادرات ثقافية ودينية مشتركة، مثل المراكز البحثية المتخصصة، الهادفة إلى إبراز الإرث المالكي، فضلا عن استثمار المخطوطات التاريخية التي تزخر بها مكتبات البلدين، من أجل العمل على مواجهة التحديات التي تهدد وحدة المنطقة، من التطرف الديني إلى الاختراقات المذهبية.
ولفت رباح في مقاله إلى “البعد الاقتصادي” باعتباره أحد الركائز الأساسية للعلاقة بين المغرب وموريتانيا، إذ يرى أن موقع البلدين الذي يجعلهما حلقة وصل بين إفريقيا والعالم، يمنحهما فرصة فريدة لتطوير شراكة اقتصادية متينة، كما أن المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب، تعد إطارا استراتيجيا لتعزيز التعاون الاقتصادي، ولا سيما في مجالات النقل والتجارة.
واعتبر المتحدث ذاته أن البلدين يمكن أن يصبحا ممرين أساسيين للتجارة الإفريقية والعالمية، من خلال تطويرهما لميناء مدينتي الداخلة ونواذيبو، وربطهما بشبكة طرق وسكك حديدية، وكذا إنشاء محطات لوجستية على طول الطرق، ما من شأنه أن يخفض تكاليف التصدير التي تعيق النمو الاقتصادي في القارة.
وتطرق رباح في مقاله إلى فرص التعاون المتعلقة بالطاقات المتجددة، التي تحظى باهتمام البلدين، مشيرا إلى الفرص الكبيرة التي يتوفر عليها في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، مؤكدا على أهمية تعزيز التنسيق بين البلدين لتطوير هذه القطاعات، بما يخدم الاستدامة البيئية ويسهم في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة، للقارة الإفريقية وأوروبا.
وفيما يخص جانب الأمن الغذائي، فيرى أن المغرب وموريتانيا يمتلكان مؤهلات كبيرة، زراعية وبحرية، تمكنهما من تحقيق شراكة استراتيجية في هذا المجال، مبرزا أهمية استثمار الخبرات المغربية في قطاع الفوسفاط والثروات البحرية الموريتانية، لإطلاق مشاريع مشتركة تساهم في تلبية الاحتياجات الغذائية المحلية والإقليمية، لافتا إلى التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الجهود، مثل التغيرات المناخية وضرورة ترشيد استعمال الموارد الطبيعية.
وذكر المقال أن المغرب وموريتانيا يسعيان لتعزيز تعاونهما في قطاع الطاقة من خلال العمل على مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي واستثمار إنتاج الغاز الموريتاني لتلبية احتياجات المغرب المتزايدة من الكهرباء والصناعة، إضافة إلى تزويد أوروبا بالغاز وسط مساعيها لتنويع شركائها، مستطردا أن الاستثمار في الطاقات المتجددة، وخاصة الشمسية والريحية، يتيح فرصة الربط الكهربائي بين البلدين، وتصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا وإفريقيا، حيث يزداد الطلب على الطاقة في مختلف القطاعات.
وأردف المصدر ذاته أنه في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، يعمل المغرب وموريتانيا على تعزيز تعاونهما في مواجهة التهديدات الأمنية المختلفة، مثل الجماعات المسلحة، والحركات الانفصالية، موضحا أن الجهود المشتركة في مجال الاستخبارات وتعزيز القدرات العسكرية تعد ضرورية لضمان الاستقرار الإقليمي، كما أن التنسيق الأمني بين البلدين يمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات العابرة للحدود.
وأعرب رباح في الأخير عن تفاؤله بمستقبل العلاقات المغربية-الموريتانية، حيث يتميز البلدان بنخبة تؤمن بأهمية تعزيز الثقة والشراكة بين المغرب وموريتانيا كجزء من مشروع نهضة إفريقية شاملة، لافتا إلى أن هذه النخب قادرة على قيادة دينامية جديدة تقوم على تعزيز التعاون في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، بما يخدم طموحات الشعبين.